بدأ بذلك في قوله: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٣، ١٣٤].
وروى ابنُ أبي الدُّنيا بإسناده عن سعيدٍ المقبري قال: بلغنا أن رجلًا جاء إلى عيسى ابن مريمَ عليه السلام، فقال: يا معلِّمَ الخير، كيف أكون تقيًا للهِ عزَّ وجلَّ كما ينبغي له؟ قال: بيسيرٍ من الأمر: تُحِبُّ الله بقلبك كُلِّه، وتعمل بكدحك وقوَّتك ما استطعت، وترحمُ ابن جنسك كما ترحم نفسَك، قال: من ابنُ جنسي يا معلِّم الخير؟ قال: ولَدُ آدم كلهم، وما لا تُحب أن يؤتى إليك، فلا تأته لأحدٍ وأنت تقيٌّ للهِ عزَّ وجل كما ينبغي له.
وقد جعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حسن الخلق أكمل خصالِ الإِيمانِ، كما خرج الإِمام أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا"(١) وخرَّجه محمد بن نصر المروزي (٢)، وزاد فيه:"وإن المرءَ ليَكُونُ مؤمنًا وإنَّ في خُلُقه شيئًا فيَنقُصُ ذلك من إيمانه".
وخرَّج أحمد وأبو داود والنسائي وابنُ ماجه، من حديث أسامة بن شريك قال: قالوا يا رسولَ الله، ما أفضلُ ما أُعطي المرءُ المسلمُ؟ قال:"الخُلق الحَسَنُ"(٣).
وأخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن صاحبَ الخلق الحسن يَبلُغُ بِخلقِه درجةَ الصَّائم القائم
(١) رواه أحمد ٢/ ٧٢ و ٢٥٠، وأبو داود (٤٦٨٢)، والترمذي (١١٦٢)، وصححه ابن حبان (٤٧٩) و (٤١٧٦). (٢) في "تعظيم قدر الصلاة" (٤٥٤)، وفيه ابن لهيعة، وهو سيء الحفظ. (٣) رواه أحمد ٤/ ٢٧٨، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" ١/ ٦٢، وابن ماجه (٣٤٣٦) وليس هو في "سنن أبي داود"، وصححه ابن حبان (٤٧٨) و (٤٨٦).