ربنا أهونَ من ذلك، لقد تجاوزَ لنا عمَّا دونَ الكبائر، فما لنا ولها، ثم تلا {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. وخرجه البزار في "مسنده" مرفوعًا، والموقوف أصحّ.
وقد وصف الله المحسنينَ باجتناب الكبائر قال تعالى: {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: ٣٢].
وفي تفسير اللمم قولان للسَّلف:
أحدهما: أنَّه مقدمات الفواحش كاللمس والقبلة (١). وعن ابن عباس: هو ما دُونَ الحدِّ من وعيد الآخرة بالنار وحدِّ الدُّنيا (٢).
(١) روى أحمد ٢/ ٢٧٦، والبخاري (٦٦١٢) ومسلم (٢٦٥٧) عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك ويكذبه". قلت: ففسر ابن عباس اللمم بما في هذا الحديث من النظر واللمس ونحوها، قال النووي: وهو كما قال، هذا هو الصحيح في تفسير اللمم. وروى ابن جرير الطبري في "جامع البيان" ٢٧/ ٦٥ عن محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأعمش، عن أبي الضحى أن ابن مسعود قال: زنى العينين النظر، وزنى الشفتين التقبيل، وزنى اليدين البطش وزنى الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيًا، وإلا فهو اللمم. قلت: وكذا قال مسروق والشعبي. وروى ابن جرير ٢٧/ ٦٦ بسند حسن عن أبي هريرة أنه سئل عن قول الله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: ٣٢] قال: القبلة والغمزة والنظرة والمباشرة، فإذا مس الختان الختان، فقد وجب الغسل وهو الزنى. (٢) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٧/ ٦٨ من طريق محمد بن جعفر وابن أبي عدي، =