وخرَّج الإمام أحمد والحاكم من حديث أبي هُريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:"أيّما ضيفٍ نزل بقومٍ، فأصبح الضَّيفُ محرومًا، فله أن يأخُذَ بقدرِ قراهُ، ولا حَرَجَ عليه"(١).
وقال عبد الله بن عمرو: مَنْ لم يضف، فليس مِن محمَّدٍ، ولا من إبراهيم.
وقال عبد الله بن الحارث بن جَزْء: من لم يُكرِمْ ضيفَه، فليس من محمد، ولا من إبراهيم.
وقال أبو هريرة لِقوم نزل عليهم، فاستضافهم، فلم يُضَيِّفوهُ، فتنحَّى ونزل، فدعاهم إلى طعامه، فلم يُجيبوه، فقال لهم: لا تُنزلون الضيف ولا تجيبون الدعوة ما أنتُم من الإسلام على شيء، فعرفه رجل منهم، فقال له: انْزِل عافاك الله، قال: هذا شرٌّ وشرٌّ، لا تنزلون إلَّا مَنْ تَعرِفُون.
ورُوي عن أبي الدرداء نحو هذه القضية إلَّا أنَّه قال لهم: ما أنتُم مِنَ الدِّين إلا على مثلِ هذه، وأشار إلى هُدبةٍ في ثوبه.
وهذه النُّصوصُ تدلُّ على وجوب الضِّيافة يومًا وليلة، وهو قولُ الليثِ وأحمد، وقال أحمد: له المطالبةُ بذلك إذا منعه؛ لأنَّه حقٌّ له واجب، وهل يأخذُ بيده من ماله إذا منعه، أو يرفعه إلى الحاكم؟ على روايتين منصوصتين عنه.
وقال حُميدُ بن زَنجويه: ليلةُ الضَّيف واجبةٌ، وليس له أن يأخذَ قِراه منهم قهرًا، إلَّا أن يكونَ مسافرًا في مصالح المسلمين العامَّة دونَ مصلحة نفسه.
(١) رواه أحمد ٢/ ٣٨٠، وصححه الحاكم ٤/ ١٣٢، ووافقه الذهبي وهو كما قالا، وذكره الهيثمي في "المجمع" ٨/ ١٥٧، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات. تنبيه: سقط هذا الحديث من مطبوعة "المستدرك"، وهو مثبت في "مختصر الذهبي".