يخبر تعالى عما يكون يوم القيامة، وأن الأرض تتزلزل وترجف وترتج، حتى يسقط ما عليها من بناء وعلم (١) .
فتندك جبالها، وتسوى تلالها، وتكون قاعًا صفصفًا لا عوج فيه ولا أمت.
{وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا} أي: ما في بطنها، من الأموات والكنوز.
{وَقَالَ الإنْسَانُ} إذا رأى ما عراها من الأمر العظيم مستعظمًا لذلك: {مَا لَهَا} ؟ أي: أي شيء عرض لها؟.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ} الأرض {أَخْبَارَهَا} أي: تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها من خير وشر، فإن الأرض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد بأعمالهم، ذلك {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}[أي] وأمرها أن تخبر بما عمل عليها، فلا تعصى لأمره (٢) .
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} من موقف القيامة، حين يقضي الله بينهم {أَشْتَاتًا} أي: فرقًا متفاوتين. {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} أي: ليريهم الله ما عملوا من الحسنات والسيئات، ويريهم جزاءه موفرًا.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وهذا شامل عام للخير والشر كله، لأنه إذا رأى مثقال الذرة، التي هي أحقر الأشياء، [وجوزي عليها] فما فوق ذلك من باب أولى وأحرى، كما قال تعالى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}{وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا}
وهذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلا والترهيب من فعل الشر ولو حقيرًا.