أَلْهِمْنِي، {أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} بِالْهِدَايَةِ وَالْإِيمَانِ، {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَجَابَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَعْتَقَ تِسْعَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ وَلَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَدَعَا أَيْضًا فَقَالَ: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} فَأَجَابَهُ اللَّهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إِلَّا آمَنُوا جَمِيعًا، فَاجْتَمَعَ لَهُ إِسْلَامُ أَبَوَيْهِ وَأَوْلَادِهِ جَمِيعًا، فَأَدْرَكَ أَبُو قُحَافَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَتِيقٍ كُلُّهُمْ أَدْرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ (١) . قَوْلُهُ: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} .
{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} يَعْنِي أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا، وَكُلُّهَا حَسَنٌ، و"الْأَحْسَنُ" بِمَعْنَى الْحَسَنِ، فَيُثِيبُهُمْ عَلَيْهَا، {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} فَلَا نُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهَا، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ "نَتَقَبَّلُ" "وَنَتَجَاوَزُ" بِالنُّونِ، "أَحْسَنَ" نَصْبٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، وَضَمِّهَا "أَحْسَنُ" رَفْعٌ. {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} مَعَ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" (التَّوْبَةِ-٧٢) .
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ} إِذْ دَعَوَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ، {أُفٍّ لَكُمَا} وَهِيَ كَلِمَةُ كَرَاهِيَةٍ، {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} مِنْ قَبْرِي حَيًّا، {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} فَلَمْ يُبْعَثْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ} يَسْتَصْرِخَانِ وَيَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَيَقُولَانِ لَهُ: {وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا} مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُوَانِي إِلَيْهِ، {إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ، وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ (٢) .
(١) انظر: زاد المسير: ٧ / ٣٧٨.(٢) انظر: تفسير ابن كثير: ٤ / ١٦٠، القرطبي: ١٦ / ١٩٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute