وَترى وَاضحا فِي كَلَام المدعوين أَنهم يتعللون بأوهام وأباطيل، ويحاولون لصق التهم بالدعاة، زاعمين أَن مَا يحل بهم من الْبلَاء إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب وجود الدعاة بَينهم، وينسون أَنهم بابتعادهم عَن الْحق، وعداوتهم لأَهله، وإسرافهم فِي الغي يسْتَحقُّونَ مَا هم فِيهِ من الْبلَاء، بل وَأكْثر مِنْهُ.
ثمَّ نرى مِنْهُم لجوءا إِلَى حيل المفلسين من الْبَرَاهِين، والمصرين على الضلال من غير أَن يكون لديهم عَلَيْهِ حجَّة، فيهددون الدعاة باتخاذ أبشع أَنْوَاع التعذيب.
وَلَكِن الدعاة لَا يلتفتون إِلَى مثل ذَلِك التهديد، فهم يسمعونه فِي كل يَوْم، وهم مُؤمنُونَ بِأَنَّهُم لن يصيبهم إِلَّا مَا قدر لَهُم، ويعتقدون أَن أقْصَى مَا ينزل بهم هُوَ الْعَذَاب حَتَّى الْمَوْت، وَتلك هِيَ الشَّهَادَة الَّتِي يتمناها الدعاة المخلصون، لِأَنَّهَا تقربهم من غايتهم، حَيْثُ لَا يروي شَجَرَة النَّصْر إِلَّا الدِّمَاء، وَلَا يكْتب للدعوة النجاح إِلَّا إِذا قدمت الشُّهَدَاء، وَتلك سنة الله، وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلا.