تقدم أَن الأشاعرة يُنكرُونَ التَّعْلِيل بِالْمَصْلَحَةِ، وَأُرِيد هُنَا أَن أبين دليلهم على هَذَا الْإِنْكَار، يَقُولُونَ: إِن كل من فعل فعلا لعِلَّة، يتَحَقَّق لَهُ من الْكَمَال بِوُقُوع تِلْكَ الْعلَّة مَا لم يكن لَهُ من قبل، فَيكون نَاقِصا بِذَاتِهِ كَامِلا بِغَيْرِهِ. وَالله سُبْحَانَهُ منزه عَن النَّقْص لذاته.
وأترك (ابْن السُّبْكِيّ) ١ - وَهُوَ أحد المنكرين للتَّعْلِيل - يُوضح هَذَا الدَّلِيل حَيْثُ يَقُول:" ... لَا يجوز أَن تعلل أَفعَال الله تَعَالَى، لِأَن من فعل فعلا لغَرَض، كَانَ حُصُوله بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أولى، سَوَاء كَانَ الْغَرَض يعود إِلَيْهِ أم إِلَى الْغَيْر، وَإِذا كَانَ كَذَلِك، يكون نَاقِصا فِي نَفسه مستكملا فِي غَيره ويتعالى الله سُبْحَانَهُ عَن ذَلِك"٢.
هَذَا الْكَلَام - أَو الْمنطق - رده كثير من الْعلمَاء، وَقَالَ عَنهُ الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور بِأَنَّهُ "يشْتَمل على مقدمتين سفسطائيتين٣" ثمَّ بَينهمَا ورد عَلَيْهِمَا٤.