أَصْحَابِي تَفَرَّقُوا وَتَرَكُونِي وَحْدِي، فَجَاءَ الْحَكَمُ حَتَّى وَقَفَ عليَّ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، مَاتَ صَاحِبٌ لَنَا، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ وَقَعَدْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا، وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا، وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أن تفر كما فروا؟ قلت: أصلحك الله، أَنَا أَبْرَأُ سَاحَةً مِنْ ذَلِكَ، أَوَ مِنَ الأمير أفر؟ فَسَكَتَ الْحَكَمُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ المهلب -كان عَلَى شُرْطَتِهِ- أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَغَضِبَ الْحَكَمُ، وَقَالَ أَمَا إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، خُذْهُ فَأُخِذْتُ، فضربني أربعمائة سوط، فما دريت متى تَرَكَنِي مِنْ شِدَّةِ مَا ضَرَبَنِي قَالَ: وَبَعَثَ بِي إِلَى وَاسِطٍ، فَكُنْتُ فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ (١).
*وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِي، وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوَ حَدِيثِ الحسن، عن أبي بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (٢)، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْخَلِيلِ بْنِ زكريا، والله أعلم.
(١) رواه أبو يعلى في مسنده (٢/ ٣٥٦ - ٥٣٩: ١٤١١) بطوله.(٢) سنن الترمذي (٣/ ٣٥٦: ٢٣٥٥)، كتاب الفتن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute