وأيضا: فإن الصحابة كانوا يحتجون بالإجماع بعضهم على بعض، وعلى بعض التابعين.
الثالث - أن اشتراط الانقراض إنما كان لاحتمال الرجوع قبل الانقراض عن الخطأ، فإذا كان قولهم صوابا بظاهر النصوص استحال الرجوع عنه؛ فلا معنى لاشتراط الانقراض (١).
[الإجماع السكوتي:]
قال الشيخ: (وإذا قال بعض المجتهدين قولاً أو فعل فعلاً واشتهر ذلك بين أهل الاجتهاد ولم ينكروه مع قدرتهم على الإنكار فقيل: يكون إجماعاً. وقيل: يكون حجة لا إجماعاً. وقيل: ليس بإجماع ولا حجة. وقيل: إن انقرضوا قبل الإنكار فهو إجماع وهذا أقرب الأقوال).
والراجح أن الإجماع السكوتي حجة ظنية - كما سبق الكلام على ذلك عند أنواع
الإجماع - ولكن بشروط (٢) وهي:
١ - أن يكون ذلك في المسائل التكليفية.
٢ - أن يكون في محل الاجتهاد.
٣ - أن يطلع باقي المجتهدين على ذلك.
٤ - أن لا يكون هناك أمارة سخط، وإن لم يصرحوا به.
٥ - أن لا يكون معه أمارة رضى وإلا كان إجماعاً.
٦ - أن تمضي مدة كافية للنظر والتأمل في حكم الحادثة عادة.
٧ - أن لا ينكر ذلك مع طول الزمان.
٨ - أن لا يطول الزمان مع تكرر الواقعة.
٩ - أن يكون قبل استقرار المذاهب.
فإذا اجتمعت هذه الشروط كان الإجماع السكوتي حجة ظنية.
(١) نفائس الأصول (٦/ ٢٦٧٩).
(٢) انظر التحبير (٤/ ١٦٠٤).