وهذا جانب آخر من جوانب النزعة الإنسانية في حضارتنا الخالدة، ذلك هو تقرير المساواة حقا بين الناس من غير نظر إلى ألوانهم. فبعد أن أعلن القرآن مبدأ المساواة في قوله:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(١) وقف الرسول في حجة الوداع ليعلن في خطابه الخالد: (الناس من آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى)(٢) ولم تكن هذه المساواة لتقف عند حدود المبادئ التي تعلن في مناسبات متعددة- كما يقع من زعماء الحضارة الحديثة اليوم- بل كانت مساواة مطبقة تنفذ كأمر عادي
(١) سورة الحجرات، الآية: ١٣. (٢) ابن سعد عن أبي هريرة.