«وهذا يرد قول من زعم من أهل التاريخ من أهل الكتاب أن قابيل وبنيه عبدوا النار».
قلت: وفيه رد أيضا على بعض الفلاسفة والملاحدة الذين يزعمون أن الأصل في الإنسان الشرك وأن التوحيد هو الطارئ.
ويبطل هذا، ويؤيد الآية السابقة حديثان صحيحان:
الأول: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما يرويه عن ربه: «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم (١) عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً» (٢).
الثاني: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟»
قال أبو هريرة: «واقرؤوا إن شئتم {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}(٣).الآية» (٤).
إذا تبين هذا فإن من المهم جداً أن يتعلم المسلم كيف طرأ الشرك على المؤمنين بعد أن كانوا موحدين؟
(١) أي استخفتهم فجالوا معهم في الضلال يقال: جال واجتال: إذا ذهب وجاء منه الجولان في الحرب. «نهاية» ونحوه في «غريب الحربي». [منه]. (٢) رواه مسلم (٨/ ١٥٩)، وأحمد (٤/ ١٦٢)، والحربي في «الغريب» (٥/ ٢٤/٢) والبغوي في حديث «هدبة بن خالد» (١/ ٢٥١/٢) وابن عساكر (١٥/ ٣٢٨/١). [منه]. (٣) سورة الروم آية ٣٠. [منه]. (٤) رواه البخاري (١١/ ٤١٨) ومسلم (١٨/ ٥٢)، والدولابي (١/ ٩٨) وغيرهم وقد خرجته في (الإرواء) رقم ١٢٢٠. [منه].