إنَّ مِن أعجَب ما يَستدل به الْمُعارِضُون للهَجْرِ هو أنَّ الدِّين وَسَطٌ ويُسْر، وكأنَّ الوَسَطَ واليُسْر غير الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضي الله عنهم -، وغير الذي أوْصى بالتمسُّكِ به.
وقد كتبتُ قديماً في هذا الموضوع ما سَوف أضيفه هنا لأهَمِّيتِهِ (١):
فتأمل الآن الوَسَط ما هُوَ وانظُرْ فهومَ الْمُتبعين أهواءَهم، قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}(٢)؛ (أُمَّةً وَسَطًا) أيْ عُدُولاً كمَا فَسَّرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، والمطلوب هنا أنْ نُبيِّن أنَّ كثيراً من الناس إذا رأى أو سَمِع شيئاً من الدِّين مخالفاً لعادته وهواه، ولو كان حقاً أنكره بقوله:" الدين وسط "، أو قال:" خير الأمور أوسَاطها "(٣)،
(١) أنظر كتابنا: «الوعيد على أهل الغلو والتشديد»، ص (١٩ - ٢٩). (٢) سورة البقرة، آية: ١٤٣. (٣) أخرج البيهقي في «الشُّعَب» برقم (٦٦٠١)، وابن سَعد في «طبقاته» (٧/ ١٤٢)، وابن عساكر في «تاريخه» (٥٨/ ٣٠٤) عن مُطرِّف بن الشخير - رحمه الله - أنه قال: (خَير الأموُرِ أوسَاطها)؛ وقد نسَبه أبو نُعَيم في «الْحِلية» (٢/ ٢٨٦) لأبي قلابة - رحمه الله -؛ ولا تصح نسبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وللفائدة أنظر: «كشف الخفاء» للعجلوني (١/ ٤٦٩) ورقم (١٢٤٧).