كتاب إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر

المداهنة. - ص: 34

ذكَرَه: (لقد نطق بالحكمة فَصَدَق، وقال بالعلم فوافق الكتاب والسنة، وما تُوجِبُه الحكمةُ، ويُدركه العَيانُ، ويعرفه أهلُ البصيرَةِ والعَيانِ، قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} (١)) انتهى.

وقد قيل للأوزاعي - رحمه الله -: إنَّ رَجُلاً يقول: " أنا أجالس أهل السنة وأهل البدع "؛ فقال: (هذا رجل يُرِيدُ أن يُساوي بين الحق والباطل!) (٢).

وقال سفيان الثوري - رحمه الله -: (ليس شيء أبلغ في فَسَادِ رَجُلٍ وصَلاَحِه مِن صَاحِب!) (٣)، يعني تأكُّد تأثُّره به.

ولذلك يقول عديُّ بن زيد (٤):

عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْألْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ... فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي!

وَصَاحِبْ أُوْلِي التَّقْوَى تَنَلْ مِنْ تُقَاهُمُ. ... وَلاَ تَصْحَبِ الأرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي

وقال الفُضَيل بن عِيَاض - رحمه الله -: (ليس للمؤمن أنْ يَقْعُد مع كُلِّ مَن شَاءَ لأنَّ الله - عز وجل - يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا

---

(١) سورة آل عمران، من الآية: ١١٨.
(٢) «الإبانة»، رقم (٤٣٤).
(٣) «الإبانة» رقم (٥٠٤).
(٤) «بَهجة المجالِس» لابن عبد البر، (١/ ١٥١).