وقد قال الأوزاعي - رحمه الله -: (عَلَيْكَ بِآثَارِ مَنْ سَلَفَ وَإِنْ رَفَضَكَ النَّاسُ، وَإيَّاكَ وأقْوَالَ الرِّجَالِ وَإِنْ زَخْرَفُوهَا وَحَسَّنوُهَا، فَإِنَّ الأمْرَ يَنْجَلِي وَأنْتَ مِنْهُ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ!) انتهى (١).
وقد كان حَمَّاد بن سَلَمة - رحمه الله - إذا جلسَ يقول:(مَن كَانَ قَدَرِيًّا فَلْيَقُمْ!)(٢).
قال ابنُ مُفْلِحٍ بعد أنْ ذَكَرَ ذلك:(وعن طاووس وأيوب وسليمان التيمي ويونس بن عبيد وغيرهم معنى ذلك) انتهى (٣).
وذلك من جنس مَن يقول:(مَن كانت مُخَالَفَتُه كذا فلاَ يُسَلِّم عَلَيَّ) لاَسِيَّمَا وقَد دَخَل عُمومُ الناسِ الْمَدَاخِلَ الْمُظْلِمَة ولَم ينجُ إلاَّ القليلُ النَّادر (٤)، والنادرُ لاَ حُكْم له.
وقد أخَذَ عبد الصَّمَد - والي مَكَّة - بِيَدِ سُفيان الثوري فَذَهب به إلى المهْدِي وهو بِمِنَى، فلمَّا رآه صاح بأعلى صَوته: (ما هذه الفسَاطيطِ؟!، ما هذه السُّرَادِقَات؟!، وقد حَجَّ عُمَر بن الخطابِ فسَأل: " كَمْ أنْفَقْنَا فِي حَجَّتِنَا
(١) أخرجه البيهقي في «المدخل إلى السُّنن الكبرى» برقم (٢٣٣)، والخطيب البغدادي في «شَرَفِ أصحابِ الحديث» ص (٧). (٢) «الآداب الشرعية»، (١/ ٢٦٢). (٣) «الآداب الشرعية»، (١/ ٢٦٢). (٤) وكل الأمة سَلكت هذا الطريق إلاَّ ما ندَر، فلا يطبّق على ذلك قياس، ولذلك فلاَبُدَّ من إظهار الدِّين.