على فهمه، فَكَانَ انْفِصَاله عَن هَذَا بأنْ قَالَ: معنى قَوْله: {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} ١، أَي: بأنعمي، فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إنْ كنتُ فعلتُها كَافِرًا بنعمتك فَأَنا من الضَّالّين، أَي: من الْجَاهِلين بأنّ الوكزة تقضي على القبطيّ".
ثمَّ قَالَ ابْن عُصْفُور: "وَكَلَامه معترَضٌ فِي هَذَا بيِّنُ الِاعْتِرَاض؛ لأنّه بنى الْأَمر على أنّ " إِذَنْ" شَرط وَجَوَاب، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إنّما هِيَ جوابٌ بِمَعْنى أنّها لاتقال مُبتَدأَة، ولابدّ أَن يتقدمها كَلَام، فَلَا تَقول أبدا: "إِذَنْ أزورَك" ابْتِدَاء، فَهِيَ جَوَاب وَتَكون جَزَاء، وَلَا يلْزم أَن يكون ذَلِك فِيهَا مجموعاً" ٢.
وَقد بيّن ابْن هِشَام الأنصاريّ مَتى تكون "إِذَنْ" جَوَابا؟ بقوله: "وَالْأَكْثَر أَن تكون جَوَابا لـ"إِنْ" أَو "لَو" ظاهرتين أَو مقدرتين" ٣.
وخلاصة القَوْل إنّ "إِذَنْ" تكون جَوَابا وَجَزَاء، فقد يجْتَمع فِيهَا هَذَانِ، وَقد ينْفَرد أَحدهمَا، فَإِذا قلت لمن قَالَ لَك: "أَنا أزورُك"، "إِذَنْ أُكرمَك"، فَهَذَا جوابٌ وجزاءٌ؛ وَإِذا قَالَ لَك: "أُحبُّك"، فَتَقول لَهُ: "إِذَنْ أظنُّك صَادِقا"، فَهَذَا جَوَاب لاجزاء مَعَه، فعلى هَذَا لاتخلو من الجوابِ، وَتَكون فِي بعض الْمَوَاضِع جَزَاء.
١ - سُورَة الشعرا، آيَة "١٩".٢ - شرح الْجمل لِابْنِ عُصْفُور ٢/١٧٠، ١٧١.٣ - الْمُغنِي ١٥، ١٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute