قلت: بلى. فقال: استل سيفي. قال: فاستللته، فرأيت فيه ثماني عشرة فقارة.
ولمنصور بن سلمة النميري:
لو لم يكن لبني شيبان من حسب … سوى يزيد لفاتوا الناس بالحسب
ما أعرف الناس أن الجود مدفعة … للذم لكنه يأتي على النشب
ومن " كامل " المبرد (١) أن يزيد بن مزيد نظر إلى لحية عظيمة مخضوبة، فقال لصاحبها: أما إنك من لحيتك في مؤونة. فقال: أجل، ولذلك أقول:
لها درهم للدهن في كل ليلة … وآخر للحناء يبتدران
ولولا نوال من يزيد بن مزيد … لصوت في حافاتها الجلمان
وفي " الأغاني " (٢) أن يزيد بن مزيد أهديت له جارية، فلما رفع يده من طعامه وطئها، فلم ينزل عنها إلا ميتا، وذلك ببلد برذعة، وكان عنده مسلم بن الوليد صريع الغواني فرثاه، فقال:
قبر ببرذعة استسر ضريحه … خطرا تقاصر دونه الأخطار
أبقى الزمان على ربيعة بعده … حزنا لعمر الله ليس يعار
سلكت بك العرب السبيل إلى العلى … حتى إذا استبق الردى بك حاروا
فقضت بك الأحلاس آمال الغنى … واسترجعت زوارها الأمصار
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة … أثنى عليها السهل والأوعار
وقيل: إنما رثى مسلم بهذه يزيد بن أحمد السلمي، فالله أعلم.
ولصريع الغواني قصيدة فيه يقول فيها (٣):
قد عود الطير عادات وثقن بها … فهن يتبعنه في كل مرتحل
يعني: وقائعه، وأن الطير تفترس أشلاء القتلى.
قال: فأمر يزيد حاجبه أن يبيع ضيعة له ويعطي الشاعر خمسين ألفا، فبلغ ذلك الرشيد فأرسل إليه بمال عظيم، وقال: زده خمسين ألفا.
وقيل: إن سلما الخاسر هجاه فقال:
(١) الكامل للمبرد ٢/ ١٢٨.
(٢) الأغاني ١٩/ ٤٢ - ٤٣.
(٣) انظر القصيدة في ديوانه (٥٨ - ٦٢ طبعة القاهرة).