وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ ابْنُ جَرِيرِ الطَّبَرِيُّ (١) مَا حَاصِلُهُ: "إِنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: ١٢] الْإِرْشَادَ لِلتَّوَصُّلِ بهِ إِلَى الْعِلْمِ بِأَوْقَاتِ فُرُوضِهِمْ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ، مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِهِمْ، وَحِينَ حَلِّ دُيُونِهِمْ وَحُقُوقِهِمْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)} [يونس: ٥ - ٦] إِنْعَامًا مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِكُلِّ ذَلِكَ عَلَى خَلْقِهِ، وَتَفَضُّلًا مِنْهُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَتَطَوُّلًا ... " إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ الْمُتَضَمِّنِ اسْتِنْبَاطَهُ وَفَائِدَتَهُ.
بَلْ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ (٢): "ذَكَرَ اللهُ التَّارِيخَ فِي كِتَابِهِ؛ لِأَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلِ -رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالَ الْهِلَالِ يَبْدُو دَقِيقًا مِثْلَ الْخَطِّ، ثُمَّ يَزِيدُ حَتَّى يَعظُمَ وَيَسْتَوِيَ وَيَسْتَدِيرَ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْقُصُ وَيَدِقُّ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ عَلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ؟ فَنَزَلَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [البقرة: ١٨٩]، وَهِيَ جَمْعُ هِلَالٍ {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] أَي: فِي دِينِهِمْ، وَصَوْمِهِمْ، وَفِطْرِهِمْ، وَعِدَّةِ نِسَائِهِمْ، وَمُدَدِ حَوَامِلِهِمْ، وَمَحَلِّ دُيُونِهِمْ، وَأُجُورِ أُجَرَائِهِمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ وَنِعَمٌ ظَاهِرَةٌ.
(١) انظر: الطبري، تاريخ، ١/ ٤ - ٥.(٢) إسناده ضعيف جدًّا. أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٧٠٧)، والطبري في "تفسيره" ٣/ ٢٨٢ بمتن مختصر وبإسنادٍ مسلسل بالضعفاء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute