من كلام أهل العلم. وكأنّ ابن حجر توهّم أن الجوزجاني في كلامه في عاصم (١) يُسِرُّ حَسْوًا في ارتغاء (٢). وهذا تخيّل لا يُلتفت إليه.
وقال الجوزجاني في يونس بن خباب:"كذاب مفتر"(٣). ويونس وإن وثقه ابن معين، فقد قال البخاري:"منكر الحديث". وقال النسائي مع ما عرف عنه:"ليس بثقة". واتفقوا على غلوّ يونس، ونقلوا عنه أنه قال: إن عثمان بن عفان قتل ابنتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وأنه روى حديث سؤال القبر ثم قال: ههنا كلمة أخفاها الناصبة. قيل له ما هي؟ قال: إنه ليسأل في قبره: مَن وليّك؟ فإن قال: عليٌّ، نجا! فكيف لا يُعذر الجوزجاني مع نَصْبه أن يعتقد في مثل هذا أنه كذاب مفتر؟
وأشدُّ ما رأيته للجوزجاني هو ما تقدم عنه في القاعدة الثالثة من قوله:"ومنهم زائغ عن الحق ... "(٤). وقد تقبل ابن حجر ذلك، على ما فهمه من معناه، وعظَّمه، كما مرَّ، وذكر نحو ذلك في "لسان الميزان" نفسه (ج ١ ص ١١)(٥). وإني لأعجب من الحافظ ابن حجر رحمه الله يوافق
(١) انظر كلام الجوزجاني في "الشجرة" (ص ٣٤ - ٤٢) وتعقب الحافظ في "التهذيب": (٥/ ٤٥). (٢) "يُسِرُّ حسوًا في ارتغاء" مثلٌ يضرب لمن يُظهِر أمرًا وهو يريد خلافه. انظر "مجمع الأمثال": (٣/ ٥٢٥) و"فصل المقال" (ص ٧٦). يريد أن الحافظ توهّم أن الجوزجاني أراد اتهام عاصم بالكذب وإن لم يفصح في كلامه بذلك. (٣) (ص ٥٠). (٤) (ص ١١) (٥) (١/ ٢٠٤).