وقنعوا منه بقول ذلك - بحضرة [١] السلطان والجماعة، وأن يقوله بمجلسه، ويشيعه عن نفسه؛ فافترقوا على ذلك، وحصلت على الشيخ من ذلك غضانة، فخرج في صبيحة يومه متوجها إلى منستير [٢] الرباط مسكنا لقضيته ومنسيا [٣] لها.
قال ابن عياض: لا امتراء عند منصف، أن الحق ما قاله أبو إسحاق، ولا امتراء أن مخالفته أولا لرأى أصحابه في حسم الباب لمصلحة العامة والجاج؛ وإن رأى الجماعة كان أسد للحال، وأولى بعائدة [٤] الخير [٥]؛ وفتواه هو أجرى على العلم، وطريق الحكم؛ ومع هذا، فما نقصه هذا عند أهل التحقيق. ولا غض من منصبه عند أهل التوفيق.
وقد حكى أبو عبد الله بن سعدون قال: رأيت أبا القاسم اللبيدي بعد موته، فسألته: من على الحق [٦]، أنت أو أبو إسحاق؟ فسكت وأمسكت بعضده، فكان يقول لى بصوت خفي: التونسي!
وتوفي أبو إسحاق بعد هذا بسنين قريبة (١) أول فتنة القيروان، وكان ابتداء فتنتها سنة اثنتين وثلاثين بالقيروان، ورثاه أبو علي بن رشيق بقصيدة فريدة، أولها: