للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال وهب:

فلما آذى آل فرعون القذر والنتن، وأجهدهم البلاء الذي أصابهم من الضفادع صرخوا إلى فرعون، فأرسل إلى موسى فأتاه فقال: " يا أيها الساحر ادع لنا ربك " يدفع عنا هذا الرجز فنؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل. قال موسى: لولا الحجة والعذر الذي وضعه الله بيني وبينك ما فعلت. قال: فدعا ربه فماتت الضفادع، فجعلوا يكنسونها من بيوتهم ودورهم وأقبيتهم، ثم ينتقلونها إلى باب المدينة، حتى جعلت ركاماً، ثم أرسل الله عليهم مطراً وابلاً، فسال بالضفادع فأكفاها في البحر، فلما كشف الله عنهم الضفادع قالوا: ما فعل هذا إلا سحره، فلو صبرنا كانت تموت الضفادع، فنكثوا وقالوا: لن نؤمن لك ولن نرسل معك بني إسرائيل. فلما نكثوا أوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك النيل - وهو النهر الذي يشرب به أهل مصر - ففعل موسى فتحول النيل دماً عبيطاً، يرده بنو إسرائيل فيشربون ماء عذباً صافياً، ويرده قوم فرعون فتختضب بها أيديهم دماً، فجرت أنهارهم دماً وصارت ركاياهم دماً، فلم يقدر أحد منهم على ماء يشربه، وكانوا لا يستقون من بئر ولا نهر، ولا يغرفون من إناء إلا صار دماً، حتى قيل إن المرأة من آل فرعون كانت تخرج إلى المرأة من بني إسرائيل حين أجهدها العطش فتقول لها: اسقيني من مائك، فإني قد هلكت عطشاً. فترحمها فتغرف لها من جرتها أو قربتها فيعود الماء بإذن الله في إنائها دماً، وفي إناء الإسرائيلية ماء صافياً، حتى إن كانت المرأة من آل فرعون لتقول للمرأة من بني إسرائيل: اجعلي الماء في فيك ثم مجيه في في، فإذا مجته في فيها صار دماً. فمكثوا بذلك سبعة أيام ولياليهن، لا يقدرون على ماء حتى بلغهم الجهد.

وقيل: إن آبارهم كانت قبل الدم دوداً أحمر، فاتخذ لها فرعون أكوازاً على فيها كهيئة الغرابيل يقال له البرقال، فعند ذلك صارت أنهارهم دماً، فصرخوا إلى فرعون: إنا قد هلكنا عطشاً، وإنه لا صبر لنا، وقد هلكت مواشينا وأنعامنا عطشاً. فأرسل فرعون إلى موسى فقال: بحق ربك الذي أرسلك إلينا لما دعوته أن يكشف عنا إننا لمهتدون.

<<  <  ج: ص:  >  >>