لفرعون: أيها الملك! ما هذا الذي يعمل به هذا الساحر فنعمل مثله؟ قال: يعمل بالعصا. قالوا: نحن نعمل. قال: اعرضوا علي سحركم، فقام الذين يعلمون بالعصي والحبال فألقوها بين يدي فرعون، وسحروا أعين الناس، فإذا حبالهم عصيهم صارت حيات وأفاعي، ففرح بذلك فرعون واستبشر، وطمع أن يظفر بموسى، وظن عصيهم وحباهلم صارت حيات، فقال لهم اجهدوا على أن تغلبوه فإنه ساحر لم ير مثله. فقالوا:" إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين "؟ يعني إن غلبنا إن لنا لمنزلة وفضيلة؟ قال فرعون:" نعم وإنكم إذاً لمن المقربين " في المجالس والدرجة عندي. فقالوا: أيها الملك واعد الرجل، فقال: قد واعدته يوم الزينة، وهو عيدكم الأكبر، ووافق ذلك يوم السبت، فخرج الناس لذلك اليوم. فقال فرعون أجمعوا " كيدكم ثم أءتوا صفاً " كل ألف ساحر صف، فكانوا خمسة وعشرين صفاً، وقيل: خمسة عشر صفاً، مع كل ساحر عمل ليس مع صاحبه، وخرج موسى وهارون، وبيد موسى عصاه في جودياءة وعباءة، حتى انتهوا إلى الصفوف، وخرج فرعون في عظماء قومه، فجلس على سريره، عليه خيمة ديباج ميل في ميل، ومعه هامان وزيره وقارون بين يديه، قد استكف له الناس، واجتمعا في صعيد واحد، وخرج الناس يقول بعضهم لبعض: ننظر من الغالب فنكون معه. فوقف موسى وهارون قبل السحرة، ف " قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً " يعني لا تقولوا على الله إلا الحق " فيسحتكم " يعني فيبعثكم " بعذاب، وقد خاب " يعني قد خسر " من افترى " قال " فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى " فصارت السحرة يناجي كل واحد صاحبه