غلاظ مثل الرماح الطوال، لا يصيب منه شيء إلا قطعه، وقد جعلت الشعبتان له فم مثل القليب الواسع، يخرج منه رياح السموم، لا يصيب أحداً منهم نفحة إلا صار أسود مثل الليل الدامس، في فيه أضراس وأنياب، وفي أعلى شدقه اثنتان وسبعون ضرساً، وفي أسفله مثل ذلك، له صرير يصم من سمعه، ما يسمع الرجل كلام جليسه إذا صرت أضراسه بعضها على بعض، فإنه ليهدر مثل البعير، يتزبد شدقاه زبداً أبيض، يتطاير لعابه فلا تقع منه قطرة على أحد إلا اشتعل برصاً، فأدخل الثعبان أحد شدقيه تحت سرير فرعون، والآخر فوقه، وفرعون على سريره فسلح في ثيابه، فلما عاين الناس ذلك من أمر الثعبان، وكان قد اجتمع أهل المدينة بأسرها، فلما انهزموا ولوا ذاهبين، تزاحموا في الأبواب وتضاعفوا وضاق عليهم، فوطئ بعضهم بعضاً، فمات يومئذ خمسة وعشرون ألفاً، وقام فرعون فوقع عن سريره، وكان الله قد أملاه حتى صار آية، كان يمكث أربعين يوماً لا يخرج من بطنه شيء، ولا يحدث إلا في كل أربعين يوماً مرة، فلما كان يومئذ أحدث في ثيابه، حتى علم بذلك جلساؤه، وكان يأكل ويشرب جاهداً، لا يبصق ولا يتمخط ولا يتنخع ولايسعل، ولا تذرف عيناه، ولا يمرض ولا يصدع ولا يسقم ولا يهرم ولا يفتقر، شاب السن، والله عز وجل يملي له أربع مئة سنة، فلما كان يوم الثعبان، وعاين ما عاين أحدث وامتخط وبصق، وأخذه الصداع والمرض، واختلف بطنه أربعين مرة، فلم يزل بعد ذلك يختلف حتى مات؛ فلما عاين من أمر موسى والثعبان خاف أن يدخل قومه من ذلك الرعب مثل الذي دخله فيؤمنوا به.
قال الحسن: لما عاين فرعون من أمر موسى والثعبان قال له فرعون: يا موسى! ارجع يومك هذا وكف ثعبانك هذا - يقول سراً دون أصحابه - وقال لأصحابه:" إن هذا لساحر عليم " فدعا موسى فقال له: يا موسى! ألا رفقت بالأمر، قتلت خمسى وعشرين ألفاً أبهذا أمرك ربك الذي بعثك؟ قال: يا فرعون! أنت فعلت هذا. يا فرعون! أسألك واحدة وأعطيتك أربعاً. قال: وما الذي تسألني؟ قال: أسألك أن تعبد الله ولا تشرك به