وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم القول الحكيم في دعوته إلى الله -عز وجل- ومن ذلك ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: «دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام (٢) عليك. قالت عائشة: ففهمتها، فقلت: وعليكم السام واللعنة! قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مهلا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله ". فقلت: يا رسول الله! أولم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد قلت: وعليكم» (٣).
وكان صلى الله عليه وسلم يستخدم ذلك حتى في رسائله، ففي كتابه إلى هرقل:
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم.
سلام على من اتبع الهدى. أما بعد:
فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (٤) و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}[آل عمران: ٦٤] إلى قوله:. . {اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران: ٦٤]» (٥).
(١) سورة النازعات، الآيات ١٧ - ١٩. (٢) السام: الموت، وقيل: الموت العاجل، وقيل: تسأمون دينكم. انظر: الفتح ١١/ ٤٢، ٤٣، ١٠/ ١٣٥. (٣) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب الرفق في الأمر كله ١٠/ ١٣٥، ٤٤٩، ١١/ ٤٢، ومسلم، كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف الرد عليهم ٤/ ١٧٠٦. (٤) الأريسيين: أي إثم الفلاحين، والمعنى: فإن لم تدخل في الإسلام فإن عليك إثمك وإثمهم إذا لم يسلموا تقليدا لك. انظر فتح الباري ١/ ٣٩. (٥) البخاري مع الفتح واللفظ له، كتاب التفسير، باب: قل يا أهل الكتاب. . . ٨/ ٢١٥، وكتاب بدء الوحي، باب حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ١/ ٣٢، ومسلم في كتاب الجهاد، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام ٣/ ١٣٩٦.