في الوفاة (١)، ولعله كان صغير السن جدا عند وفاة البيهقي (٢)، فكيف لا يقع الجزم بأن هذه الزيادة ليست من المخرج. على أن الحافظ السيوطي عزا الحديث بها إلى الطبراني، وقد توفي قبل البيهقي بثمان وتسعين سنة (٣). فكيف يتبع المناوي في هذا الوهم الفاحش، وهو رجل لا يكاد ينطق بالصواب لاسيما في شرحيه على «الجامع الصغير» الذي أوضحت أوهامه فيهما في الصناعة خاصة، مع تجوز وتساهل، في ستة مجلدات (٤).
الرابعة: في قوله: («سواء كان هذا أو ذاك، فلا حجة في تلك الزيادة لأنها ليست من المرفوع جزما»)، وذلك أن هذا الجزم باطل جزما، لأنه محتمل لكونه صادرا من الصحابي أو من غيره. ومع هذا الاحتمال فالجزم بأنه غير مرفوع ولا حجة (٥) بعيد، لأن تفسير الصحابي في مثل هذا الحديث - حيث عين المراد باللفظ والمقصود بالإشارة - مرفوع جزما؛ ألا ترى أنه لو رواه بالمعنى كما فعلوا كثيرا فقال مثلا: نهى رسول الله ﷺ عن المحاريب … لكان معدودا من جملة الأحاديث المرفوعة جزما فكذلك هذا.
الخامسة: في قوله: («على أنه لو فرض ثبوت أن تلك الزيادة من المرفوع لما كان فيها حجة أيضا، لأن المراد بالمحاريب كما قال المناوي صدور المجالس.») وذلك أنه من الغريب جدا أن يكون تفسير الراوي المشاهد للحديث والسامع له عند ورود سببه المذابح بالمحاريب مردودا، ويكون تفسير المناوي لها بصدور المجالس مقبولا. وأيضا لم يكون فهم المناوي مقدما على فهم الحافظ السيوطي، ولا يكون العكس؟ مع أن الصفة تقتضي ترجيح قول الحافظ السيوطي لأنه الأعلم والأحفظ والأتقى،
(١) توفي شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو والد الحافظ أبي منصور الديلمي سنة تسع وخمسمائة (٥٠٩ هـ)، كما في «الوافي بالوفيات» ١٦/ ١٢٨. (٢) كان عمر الديلمي صاحب «الفردوس بمأثور الخطاب» عام وفاة البيهقي ثلاث عشرة سنة (١٣). (٣) توفي الطبراني سنة ستين وثلاثمائة (٣٦٠ هـ) كما في «وفيات الأعيان» ٢/ ٤٠٧. (٤) واسمه «المداوي بعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي»، طبع في ست مجلدات. (٥) أي لا حجة تقوم به.