ثم وردت الأخبار إلى حلب بأن سليم شاه بن عثمان قبض على قاصد السلطان الذي كان أرسله إلى ابن عثمان، وهو الأمير مغلباي أحد الدوادارية ووضعه في الحديد. وكان السلطان جهز الأمير كرتباي الأشرفي أحد الأمراء المقدمين الذي كان والي القاهرة إلى ابن عثمان وصحبته هدية حافلة بنحو عشرة آلاف دينار، وخلع على قاضي عسكر ابن عثمان ووزير قراجا باشا الذي تقدم ذكرهما خلعة سنية بطرز يلبغاوي عريض، وأذن لهما بالعود إلى بلادهما. وكان هذا هو عين الغلط من السلطان الغوري، حيث أطلق قصاد ابن عثمان قبل أن يحضر مغلباي ويظهر له من أمر ابن عثمان ما يعتمد عليه.
ثم لما وصل الأمير كرتباي إلى عنتاب بلغه أن السلطان ابن عثمان أبي الصلح وقبض على الأمير مغلباي ووضعه في الحديد بعد أن قصد شنقه، فشفع فيه بعض وزرائه وقصد حلق لحيته. وقد قاسى منه من البهدلة ما لا يمكن شرحه. فلما تحقق الأمير كرتباي ذلك رجع إلى حلب وأعلم السلطان بما فعله سليم شاه ابن عثمان بالأمير مغلباي، وأن طوالع عسكره قد وصلت إلى عنتاب وملكت قلعة ملطية وبهنسا وكركر وغير ذلك من القلاع.
ولما وصل الأمير كرتباي بهذه الأخبار الردية إلى السلطان اضطربت أحواله وأحوال الناس وأحوال العسكر قاطبة.
ثم أن السلطان أنعم على الأمير عبد الرزاق وولاه على إقليم أولاد ذو الغادر، فخرج من حلب وصحبته ملك الأمراء خاير بك في موكب حافل. فخرج نائب حلب وأمراؤها وعساكرها ونزلوا عن حلب بيوم، وصحبتهم من المشاة خمسة آلاف ماش، وأنفق عليهم السلطان جامكية شهر واحد. ثم خرج بعدهم ملك الأمراء سيباي نائب الشام، وتمراز نائب طرابلس، وطراباي نائب صفد ونائب حمص ونائب غزة، فخرجوا من حلب يوم السابع عشر من شهر رجب. وقد أشيع أن ابن عثمان ماش من جهة وابن سوار ماش من جهة.
ثم أن السلطان نادى للعسكر بالرحيل من حلب والنزول على جيلان لقتال الباغي ابن عثمان، وأن السلطان والأمراء عن قريب يخرجون إلى القتال، والذي يريده الله هو الذي يكون … وهذا ما نقل من شرح كتاب أمير المؤمنين إلى ولده أمير المؤمنين يعقوب.
ثم ذكر فيه عن أمر الأسعار في حلب، فقال: الشعير كل أردب بسبعة وعشرين نصفا، والخبز كل رطل بثلاثة دراهم، والجبن بنصفين الرطل، واللحم بتسعة دراهم كل رطل مصري، والدبس بنصف فضة الرطل المصري، وتناهى سعر القمح إلى أشرفيين كل أردب، والكرسنة عليق الجمال بمائة وأربعة وعشرين درهما الأردب.
ثم أن السلطان أرسل مثالا شريفا إلى الأمير الدوادار يتضمن الوصية بالرعية، وأن المماليك الجلبان الذين بالطباق يكفون الأذى عن الناس ولا شوشون على أحد من