للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربعمة وأربعين مملوكا على ما قيل. ويقال: إن عدة المماليك الذين خرجوا في هذه التجريدة من القرانصة والجلبان وأولاد الناس خمسة آلاف نفر، على ما قيل: والله أعلم.

وقيل: تأخر بالقاهرة من المماليك القرانصة والعواجز والشيوخ والمماليك الجلبان في الطباق والقلعة وأولاد الناس نحو ألف نفر على ما قيل.

ولما كان السلطان بالمخيم الشريف ورد عليه مطالعة من عند نائب حلب وإذا فيها:

إن ابن عثمان أرسل قاصدا فعوقناه عندنا وأخذنا الكتاب منه وها هو واصل لكم "فوصل إليه وهو بالمخيم بالريدانية. ولما فكه السلطان وقرأه فإذا فيه عبارة حسنة وألفاظ رقيقة، منها أنه أرسل يقول له:" أنت والدي وأسألك الدعاء وأني ما زحفت على بلاد علي دولات إلا بإذنك وأنه كان باغيا علي، وهو الذي أثار الفتنة القديمة بين والدي والسلطان قايتباي حتى جرى بينهما ما جرى، وهذا كان غاية الفساد في مملكتكم وكان قتله عين الصواب.

وأما ابن سوار الذي ولي مكانه فإن حسن ببالكم أن تبقوه على بلاد أبيه أو تولوا غيره، فالأمر راجع إليكم. وأما التجار الذين يجلبون المماليك الجراكسة فإني ما منعتهم وإنما هم تضرروا من معاملتكم في الذهب والفضة فامتنعوا عن جلب المماليك إليكم، وأن البلاد التي أخذتها من علي دولات أعيدها لكم وجميع ما ترومونه ويريده السلطان فعلناه".

فلما سمع السلطان ذلك أحضر الأمراء المقدمين وقرأ عليهم كتاب ابن عثمان، فانشرح الأمراء والسلطان لهذا الخبر، واستبشروا بأمر الصلح والعود إلى الأوطان عن قريب

وكان هذا كله حيل وخداع من ابن عثمان حتى يبلغ بذلك مقاصده، وقد ظهر حقيقة ذلك فيما بعد.

وفي عقيب ذلك اليوم حضر الأمير أينال باي الدوادار سكين، الذي كان توجه إلى حلب بسبب كشف خبر ابن عثمان، فلما حضر وجد السلطان قد برز خيامه إلى السفر وخرج من القاهرة فأخبر أن قاصد ابن عثمان وصل إلى حلب، وأن ابن عثمان يقصد الصلح بينه وبين السلطان، فقدم لا ينال باي هناك تقدمة حافلة.

ومما وقع للسلطان وهو بالوطاق أن ليلة رحيله من الريدانية خلع على الأمير طومان باي الدوادار كاملية بسمور حافلة وقرره نائب الغيبة بالقاهرة إلى أن يحضر. وخلع على القاضي بركات بن موسى وقرره في الحسبة عوضا عن الأمير ماماي إلى أن يحضر، وجعل الزيني بركات بن موسى المذكور متحدثا في جميع أمور السلطنة. وفي تلك الليلة أحضر مشاعل موقدة فطارت منها شرارة على خيمة السلطان فاحترق جانب منها، فلم تتفاءل الناس بذلك بسبب السلطان. فلما دخل الزيني بركات بن موسى إلى القاهرة

<<  <  ج: ص:  >  >>