حجابٌ من النَّار لا شكَّ فيه … يميِّز بين الرِّضا والغضبْ
وخير رفيق (١) إلى المُصطفَى … ونورٌ مبينٌ لكشف الرِّيَبْ
فيا عالمًا أجمع العالمون … على فضل رتبته في الرُّتبْ
سبقْتَ الأئمَّة فيما جمعتَ … وفزت على رغمهم (٢) بالقَصَبْ
نفيتَ السَّقيم من (٣) الغافلينَ … ومن كان مُتَّهمًا بالكذبْ
وأثبتَّ من عدّلتْه الرواةُ … وصحّتْ روايته في الكتبْ
وأبرزتَ في حسن ترتيبه … وتبويبه عجبًا للعجبْ
فأعطاك ربُّك ما تشتهيه … وأجزل حظَّك فيما يَهَبْ
وخصَّك في عَرَصات الجنان … بخيرٍ يدوم ولا يقتضبْ (٤)
قوله: (يُمَيِّزُ بَيْنَ الرِّضَا وَالغَضَب)؛ أي: بينَ ما ينبغي فيه كل منهما شرعًا.
قوله: (بِالقَصَب) بفتح القاف والصاد، أصله الذي يتخذ منه الأقلام، وكان العرب ينصبون في حلبة السباق؛ أي: الميدان الذي يتسابقون فيه قَصَبَةً فمن سبق اقتلعها وأخذها ليعلم أنَّه السابق من غير نزاعٍ، فلذا يقال: فلان أحرزَ؛ أي: حازَ قَصَبَ السَّبْقِ، ثم كثر حتى أطلق على المُبرِّز والمشمِّر، كما في «المصباح».
قوله: (نَفَيْتَ السَّقِيْمَ … ) إلى آخره؛ أي: ميزتَ السَّقيم من الأحاديث ونفيته وأبعدته عمَّن ينقل الأحاديث وانتقيت له الصحيح، أو نفيتَ الشخص السقيم من الناقلين للحديث ولم ترو عنه شيئًا، وأثبتَّ العدول الثقاة الذين عَدَّلَهُم الحفاظُ … إلى آخره.
قوله: (عَجَبًا لِلْعَجَب) بمعنى أنَّه لو كان العجبُ شخصًا لعُجِبَ من ذلكَ.
قوله: (عَرَصَاتِ) بالتحريك جمع عَرَصَة، وهي: البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء، وفي «التهذيب»: سُميت ساحةُ الدارِ عَرَصَةً؛ لأنَّ الصبيان يَعْرِصُون فيها، أي: يلعبون ويمرحون.
(١) في (د) و (ص): «وسير رقيق».
(٢) في (ص) و (م): «جمعهم».
(٣) في (ص): «عن».
(٤) البيت سقط من (م)، وفي (د) و (ص): «ينغصب».