[ومن الأمثلة التي ورد فيها التأثر المقبل والمدبر في هذه الإدغامات]
أ- إدغام الباء في الباء إذا كانا في كلمتين، كما في قوله تعالى: العذاب بما [الأنعام/ ٢٦] والرعب بما [آل عمران/ ١٥١](١). فمثل هذا الإدغام لا يجوز عند البصريين؛ لأن الحرف الأول المدغم مسبوق بساكن، لذا حملوه على الإخفاء (٢). وقد أشار الواسطيّ إلى رأي البصريين بقوله:(وإذا كان قبل الحرف المدغم حرف ساكن صحيح، فقال
قوم: إن الإدغام فيه غير ممكن متمسكين بالقاعدة في عدم اجتماع ساكنين، وقالوا: إنه مخفي، والحق أنه مدغم لأنه قد قلب واتصل بما بعده وشدّد، وهذه هي حقيقة الإدغام) (٣).
ب- إدغام الميم المتحركة في الباء كما في قوله تعالى: والله أعلم بأعدائكم [النساء/ ٤٥] وبأعلم بالشاكرين (٤)[الأنعام/ ٥٣]. ومثل هذا الإدغام لا يجيزه النحويون؛ لأن في الميم غنّة، وجعل الرّضي الأسترآباذي تسمية هذا بالإدغام مجازا، وإنما هو إخفاء (٥). وقد أشار الواسطيّ إلى أنه إخفاء (٦).
ج- إدغام الراء في اللام متحركة كانت أم ساكنة، كما في قوله تعالى: فيغفر لمن يشاء [البقرة/ ٢٨٤] واستغفر لهن الله (٧)[الممتحنة/ ١٢]. ومثل هذا الإدغام لم يجزه الخليل ولا سيبويه؛ لئلا يذهب التكرير. وقد أجاز الكسائيّ والفرّاء إدغام الراء في اللام قياسا (٨). ونقل ابن عصفور هذا الإدغام وقال:(إلا أنّ ذلك شاذّ)(٩). أما ابن الجزري فجوّزه لأنه مرويّ ولأن الراء تدغم في اللام إذا
(١) الكنز/ ٣٨٦. (٢) أبو عمرو وجهوده في القراءة والنحو/ ٨٥. (٣) الكنز/ ١٦٩. (٤) الكنز/ ٤١٦، ٣٩٥. (٥) أبو عمرو بن العلاء وجهوده في القراءة والنحو/ ٨٦. (٦) الكنز/ ١٨٣. (٧) الكنز/ ١٥١. (٨) أبو عمرو بن العلاء وجهوده في القراءة والنحو/ ٨٦. (٩) المقرب/ ٣٦٦.