وقد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين.
فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنا لم نقض الكتاب بعد".
قال: فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فأجزه لي". قال: ما أنا بمجيز ذلك.
قال:"بلى فافعل". قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بلى
بضم السين، ويقال بكسرها هو مشي المقيد، فقوله: يقال أي في اللفظ من حيث هو بدليل اقتصاره في الفتح على الضم، "وقد خرج" لما خرج من السجن "من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين". زاد ابن إسحاق فقام سهيل إلى أبي جندل فضرب وجهه، وأخذ يتلببه قال البرهان: أي جمع عليه ثوبه الذي هو لابسه، وقبض عليه نحره، "فقال" أبوه "سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك،" أي أول شيء أحاكمك "عليه أن ترده إليّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض الكتاب بعد". قال المصنف بنون مفتوحة، فقاف ساكنة، فضاد معجمة، أي لم نفرغ من كتابته ولأبي ذر عن المستملي والحموي: لم نفض بالفاء وتشديد المعجمة. انتهى. والمراد به أيضا الفراغ مجازا؛ لأنه بالفاء: الكسر. فض الإناء: كسره, فأطلق اللازم وأراد الملزوم، وهو عدم الفراغ من الكتاب: "قال: فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي" بالجيم والزاي بصيغة فعل الأمر من الإجازة، أي أمض لي فعلي فيه ولا أرده إليك أو استثنه من القضية، ووقع في الجمع للحميدي بالراء. ورجح ابن الجوزي الزاي وفيه أن الاعتبار في العقود بالقول ولو تأخرت الكتابة والإشهاد، ولذا أمضى صلى الله عليه وسلم لسهيل الأمر في ابنه إليه. وكان تلطف به بقوله: "لم نقض الكتاب" رجاء أن يجيبه ولا تنكره بقية قريش؛ لأنه ولده فلما أصر على الامتناع تركه له. قال الحافظ: وبه تعلم سقوط قول الشارح كأنه أشار بذلك إلى عدم انبرام الصلح بينهم، فكأنه قال لم يستقر الأمر على رد من جاءنا منكم. "قال: ما أنا بمجيز ذلك" هي رواية أبي ذر ولغيره: بمجيزه لك. قال: "بلى فافعل". "قال: ما أنا بفاعل, قال مكرز", زاد الواقدي: وحويطب: "بلى" كذا للأكثر