ولا ريب أن ما حصل للمقتول في سبيل اللَّه من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على ما حصل لناوي ذلك إذا مات على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد.
فهاهنا أمران: أجر وقرب، فإن استويا في أصل الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي أثرًا زائدًا وقربًا خاصًّا، وهو فضل اللَّه يؤتيه من يشاء.
وقد قال ﷺ:"إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قالوا: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال:"إنه أراد قتل صاحبه"(١)، فاستويا في دخول النار، ولا يلزم استواؤهما في الدرجة ومقدار العذاب، فأعطِ ألفاظ الرسول ﷺ حقّها، ونزّلها منازلها، يتبيّن لك المراد.
يوضّح هذا: أن فقراء المهاجرين شكوا إلى رسول اللَّه ﷺ وقالوا: يا رسول اللَّه ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصومون كما نصوم، ويصلون كما نصلي، ولهم فضول أموال يحجّون بها ويعتمرون ويجاهدون
= عنه أن النبي ﷺ قال: "من سأل اللَّه الشهادة بصدق بلّغه اللَّه منازل الشهداء، وإن مات على فراشه". ورواه أحمد في "مسنده" (٥/ ٢٤٣)، وابن حبان في "صحيحه" رقم (٣١٩١) من حديث معاذ بن جبل ﵁ بلفظ: "ومن سأل اللَّه الشهادة مخلصًا. . . ". وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (٢٥٥٦). (١) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (٣١)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٢٨٨٨)، كلاهما من حديث أبي بكرة ﵁.