قال:{وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} ١. ولا تعارض بين هذا وقوله:{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} ٢. وبين قوله {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ٣، أي: لا تتركوها بلا تكفير. وبين قوله صلى الله عليه وسلم في"الصحيحين": "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها - وفي رواية - وكفرت عن يميني" ٤. لا تعارض بين هذا كله وبين الآية المذكورة هنا وهي:{وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} ٥؛ لأن هذه الأيمان المراد بها: الداخلة في العهود والمواثيق، لا الأيمان الواردة على حث أو منع، ولهذا قال مجاهد في الآية: يعني: الحلف أي: حلف الجاهلية.
ويؤيده ما رواه الإمام احمد عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" ٦. وكذا رواه مسلم، ومعناه: أن الإسلام لا يحتاج معه إلى الحلف الذي كان أهل الجاهلية يفعلونه، فإن في التمسك بالإسلام حماية كفاية عما كانوا فيه.
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} ٧، تهديد ووعيد لمن نقض الأيمان بعد توكيدها.
١ سورة النحل آية: ٩١. ٢ سورة البقرة آية: ٢٢٤. ٣ سورة المائدة آية: ٨٩. ٤ البخاري: الأيمان والنذور (٦٦٨٠) , ومسلم: الأيمان (١٦٤٩) , وابن ماجه: الكفارات (٢١٠٧) , وأحمد (٤/٤٠١ ,٤/٤٠٤ ,٤/٤١٨) . ٥ سورة النحل آية: ٩١. ٦ مسلم: فضائل الصحابة (٢٥٣٠) , وأبو داود: الفرائض (٢٩٢٥) , وأحمد (٤/٨٣) . ٧ سورة النحل آية: ٩١.