[٢٨- باب قول الله تعالى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ١]
المراد بهذه الترجمة التنبيه على الجمع بين الرجاء والخوف، ولذلك ذكر بعد هذه الآية قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} ٢. هذا هو مقام الأنبياء والصديقين كما قال تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} ٣. فابتغاء الوسيلة إليه هو التقرب بحبه وطاعته، ثم ذكر الرجاء والخوف وهذه أركان الإيمان. وقال تعالى:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} ٤. وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام:{وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} ٥. وقال عن شعيب:{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} ٦. فوكلا الأمر إلى مالكه، وقال تعالى عن الملائكة عليهم السلام:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ٧. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية" ٨. وكلما قوي إيمان العبد ويقينه قوي خوفه ورجاؤه مطلقًا. قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٩. وقال:{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} ١٠. وقالت عائشة:
١ سورة الأعراف آية: ٩٩. ٢ سورة الحجر آية: ٥٦. ٣ سورة الإسراء آية: ٥٧. ٤ سورة الأنبياء آية: ٩٠. ٥ سورة الأنعام آية: ٨٠. ٦ سورة الأعراف آية: ٨٩. ٧ سورة النحل آية: ٥٠. ٨ البخاري: الإيمان (٢٠ ,٤٣) والصوم (١٩٧٠) والأدب (٦١٠١) , وأبو داود: الصلاة (١٣٦٨) , وأحمد (٦/١٢٢) , ومالك: الصيام (٦٤١) . ٩ سورة فاطر آية: ٢٨. ١٠ سورة المؤمنون، آيات: ٥٧-٦٠.