وقوله:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} ١. هذا هو المقسم عليه، وهو القرآن أي: إنه وحي الله وتنْزيله وكلامه، لا كما يقول الكفار: إنه سحر وكهانة أو شعر، بل هو قرآن كريم، أي: عظيم كثير الخير، لأنه كلام الله. قال ابن القيم: فوصفه بما يقتضي حسنه وكثرة خيره ومنافعه وجلالته، فإن الكريم هو البهي الكثير الخير، العظيم النفع، وهو من كل شيء أحسنه وأفضله، والله سبحانه وصف نفسه بالكرم [الانفطار ٦، والنّحل ٤٠] ، ووصف به كلامه، ووصف به عرشه [المؤمنون ١٦] ، ووصف به ما كثر خيره، وحسن منظره من النبات وغيره، ولذلك فسر السلف الكريم بالحسن، قال الأزهري: الكريم: اسم جامع لما يحمد، والله تعالى كريم جميل الفعال، إنه لقرآن كريم يحمد لما فيه من الهدى والبيان، والعلم والحكمة.
وقوله:{فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} ٢. قال ابن كثير: أي: معظم في كتاب معظم محفوظ موقر. وقال ابن القيم: اختلف المفسرون في هذا فقيل: هو اللوح المحفوظ، والصحيح أنه الكتاب الذي بأيدي الملائكة وهو المذكور في قوله:{فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} ٣. ويدل على أنه الكتاب الذي بأيدي الملائكة قوله:{لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ٤. فهذا يدل على أنه بأيديهم يمسونه.
١ سورة الواقعة آية: ٧٧. ٢ سورة الواقعة آية: ٧٨. ٣ سورة عبس آية: ١٣-١٦. ٤ سورة الواقعة آية: ٧٩.