وفي الحديث دليل على جواز لعن أنواع الفساق، كقوله:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" ١. ونحو ذلك، فأما لعن الفاسق المعين ففيه قولان: ذكرهما شيخ الإسلام أحدهما: أنه جائز اختاره ابن الجوزي وغيره. والثاني: لا يجوز، اختاره أبو بكر عبد العزيز وشيخ الإسلام. قال: والمعروف عن أحمد كراهة لعن المعين كالحجاج وأمثاله، وأن يقول كما قال الله تعالى:{أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ٢.
قال: وعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب". قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال:" مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئًا. فقالوا لأحدهما: قرب. قال: ما عندي شيء. قالوا: قرب ولو ذبابًا، فقرب ذبابًا فخلوا سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئًا دون الله عز وجل. فضربوا عنقه، فدخل الجنة". رواه أحمد
ش: هذا الحديث. ذكره المصنف معزوًا لأحمد، وأظنه تبع ابن القيم في عزوه لأحمد.
قال ابن القيم: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال:"دخل رجل الجنة في ذباب". الحديث.
وقد طالعت "المسند" فما رأيته فيه، فلعل الإمام رواه في كتاب الزهد٣ أو غيره.
قوله:(عن طارق بن شهاب) . أي: البجلي الأحمسي أبو عبد الله رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل، ويقال: إنه لم يسمع منه شيئًا. قال البغوي: ونزل الكوفة. قال أبو حاتم: ليست له صحبة. والحديث الذي رواه مرسل. وقال أبو داود: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا.
١ أحمد (٤/١٢٧) . ٢ سورة هود آية: ١٨. ٣ هو فيه ١٥ عن طارق عن سلمان الفارسي موقوفاً بسندٍ صحيحٍ.