وقال عباس بن مرداس أيضا:
يا خاتم النّبآء إنك مرسل … بالحق كل هدى السبيل هداكا
إنّ الإله بنى عليك محبة … في خلقه ومحمدا سمّاكا
ثم الذين وفوا بما عاهدتم … جند بعثت عليهم الضحاكا
رجلا به درب السلاح كأنه … لمّا تكنفه العدو يراكا
يغشى ذوى النسب القريب وإنما … يبغى رضا الرحمن ثم رضاكا
أنبئك أنى قد رأيت مكره … تحت العجاجة يدمغ الاشراكا
طورا يعانق باليدين وتارة … يفرى الجماجم صارما فتّاكا
يغشى به هام الكماة ولو ترى … منه الّذي عاينت كان شفاكا (١)
وبنو سليم معنقون أمامه … ضربا وطعنا في العدو دراكا
بمشون تحت لوائه وكأنهم … أسد العرين أردن ثم عراكا
ما يرتجون من القريب قرابة … إلا لطاعة ربهم وهواكا
هذي مشاهدنا التي كانت لنا … معروفة وولينا مولاكا
وقال عباس بن مرداس أيضا (٢):
عفا مجدل من أهله فمتالع … فمطلا أريك قد خلا فالمصانع
ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا … رخيّ وصرف الدهر للحي جامع
حبيّبة ألوت بها غربة النوى … لبين فهل ماض من العيش راجع
فان تبتغي الكفار غير ملومة … فانى وزير للنّبيّ وتابع
دعانا اليه خير وفد علمتهم … خزيمة والمرّار منهم وواسع
فجئنا بألف من سليم عليهم … لبوس لهم من نسج داود رائع
نبايعه بالأخشبين وإنما … يد الله بين الأخشبين نبايع
فجسنا مع المهدي مكة عنوة … بأسيافنا والنقع كاب وساطع
علانية والخيل يغشى متونها … حميم وآمن من دم الجوف ناقع
ويوم حنين حين سارت هوازن … إلينا وضاقت بالنفوس الأضالع
صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا … قراع الأعادي منهم والوقائع
أمام رسول الله يخفق فوقنا … لواء كخذروف السحابة لامع
(١) هذا البيت زدناه من سيرة ابن هشام.
(٢) سقط من التيمورية هذه القصائد الى آخر الفصل.