بكرت إليّ بسحرة بعد الكرى … وتقارب من حادث الأيام
زعمت بأن المرء معديكرب عمره … عدم لمعتكر من الاصرام
إن كنت كاذبة الّذي حدثتني … فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم … ونجا برأس طمرّة ولجام
يذر العناجيج الجياد بقفرة … مر الذمول بمحصد ورجام
ملأت به الفرجين فارمدّت به … وثوى أحبته بشر مقام
وبنو أبيه ورهطه في معرك … نصر الآله به ذوى الإسلام
طحنتهم والله ينفذ أمره … حرب يشب سعيرها بضرام
لولا الآله وجريها لتركنه … جزر السباع ودسنه بحوام
من بين مأسور يشد وثاقه … صقر إذا لاقى الأسنة حام
ومجدل لا يستجب الدعوة … حتى تزول شوامخ الأعلام
بالعار والذل المبين إذا رأى … بيض السيوف تسوق كل همام
بيدي أغر إذا انتمى لم يخزه … نسب القصار سميدع مقدام
بيض إذا لاقت حديدا صمّمت … كالبرق تحت ظلال كل غمام
قال ابن هشام تركنا في آخرها ثلاث أبيات أقذع فيها. قال ابن هشام فأجابه الحارث بن هشام أخو أبى جهل عمرو بن هشام فقال:
القوم (١) أعلم ما تركت قتالهم … حتى رموا فرسي (٢) بأشقر مزبد
وعرفت أنى إن أقاتل واحدا … أقتل ولا ينكى عدوى مشهدي
فصددت عنهم والأحبة فيهم … طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
وقال حسان أيضا:
يا حار قد عولت غير معول … عند الهياج وساعة الاحساب
إذ تمتطى سرح اليدين نجيبة … مرطى الجراء طويلة الاقراب
والقوم خلفك قد تركت قتالهم … ترجو النجاء وليس حين ذهاب
ألا عطفت على ابن أمك إذ ثوى … قعص الاسنة ضائع الاسلاب
عجل المليك له فأهلك جمعه … بشنار مخزية وسوء عذاب
(١) في ابن هشام: الله أعلم.
(٢) كذا في الحلبية، وفي ابن هشام: حتى حبوا مهري، وفي السهيليّ، علوا مهري. وقوله في البيت الثالث «يوم مفسد» الّذي في الشواهد يوم مرصد.