وأحمد بيت النّور، لا شكّ بابه ... أبو حسن (والبيت من بابه يؤتّى)«١»
فالشعراء الفاطميون لم يفردوا مدح الرسول في قصائد خاصة، وجعلوا مدحهم له ممزوجا في قصائد مديح الفاطميين ورثائهم، ولوّنوا هذا المدح بعقائدهم، فظهرت في شعرهم صفات لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم تكن متداولة قبل ذلك.
والظاهرة الدينية البارزة التي سادت في هذا العصر، وكان لها تأثير في المديح النبوي، هي ظاهرة اتساع التصوف، فالمتصوفة شكّلوا تصورا خاصا بهم للكون، كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكان متميز فيه، وبحثوا ماهية النبوة وعلاقتها بالولاية، فكان لهم في ذلك آراء شجاعة أثارت استهجان عامة الناس واستنكارهم، ومن هنا جاء ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما تركوه من مؤلفات في طريقتهم، وفيما نظموه من شعر في مذهبهم، وجاء ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندهم أيضا حين جاروا الشيعة في ادعاء وراثة النبي الأمين فهم يرون أنفسهم الفئة الوحيدة التي يحق لها وراثة نبي الله، وبنوا على ذلك نظاما هرميا رأسه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وقاعدته المريدون، وبينهما تتدرج مراتب رجال الصوفية. وقد نص ابن عربي «٢» على مبدأ الوراثة هذا في قوله:
(١) ديوان المؤيد داعي الدعاء ص: ٢٦٣. (٢) محيي الدين بن عربي: محمد بن علي بن محمد الحاتمي، رأس المتصوفة وشاعرهم، جال في البلاد واستقر في دمشق، له مؤلفات كثيرة في التصوف، توفي سنة (٦٣٨ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٤٣٥. (٣) ابن عربي/ الديوان الأكبر: ص ١٨٦.