غَدًا» وَلَمْ يَسْتَثْنِ،
فَانْصَرَفُوا، وَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَذْكُرُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لا يُحْدِثُ اللَّهِ إَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا وَلا يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ، حَتَّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَالُوا: وَعَدَنَا مُحَمَّدٌ غَدًا وَالْيَوْمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً قَدْ أَصْبَحْنَا مِنْهَا لا يُخْبِرُنَا بِشَيْءٍ مِمَّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ، حَتَّى أَحْزَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكْثُ الْوَحْيِ عَنْهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ مِنَ اللَّهِ بسورة أصحاب الكهف،
قال ابن إسحق فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَقَدِ احْتَبَسْتَ عَنِّي يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ [١] الآيَةَ
وَافْتَتَحَ السُّورَةَ بِحَمْدِهِ وَبِذِكْرِ نُبُوَّةِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَفِيهَا ذِكْرُ الْفِتْيَةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا وَهُمْ أَصْحَابُ الْكَهْفِ، وَذِكْرُ الرَّجُلِ الطَّوَّافِ وَهُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَقَالَ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنَ الروح: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [٢] الْحَدِيثُ بِطُولِهِ وَأَنَا اخْتَصَرْتُهُ.
قَالَ وَحُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ: يَا مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا إِيَّانَا تُرِيدُ أَمْ قَوْمَكَ، قَالَ: «كُلًّا» قَالُوا: فإنك تتلوا فِيمَا جَاءَنَا أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ فِيهَا بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ، وَعِنْدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكْفِيكُمْ لَوْ أَقَمْتُمُوهُ»
قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [٣] أَيْ إِنَّ التَّوْرَاةَ فِي هَذَا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا سَأَلَهُ قَوْمُهُ لأَنْفُسِهِمْ مِنْ تَسْيِيرِ الْجِبَالِ وَتَقْطِيعِ الأَرْضِ وَبَعْثِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ مِنَ الْمَوْتَى وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [٤] أَيْ لا أَصْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الأَمْرِ إِلَّا مَا شِئْتُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيمَا سَأَلُوهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ إلى وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً [٥] وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً
[ (١) ] سورة التحريم: الآية ٦٤.[ (٢) ] سورة الإسراء: الآية ٨٥.[ (٣) ] سورة لقمان: الآية ٢٧.[ (٤) ] سورة الرعد: الآية ٣١.[ (٥) ] سورة الفرقان: الآيات ٧ ثم الآية ٢٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute