مجاهد: ما بين العشرين إلى الستين. وقيل: ثماني عشر وسبع عشر. والنَّذِيرُ الرسول صلى الله عليه وسلم. وقيل: الشيب. وقرئ: وجاءتكم النذر. فإن قلت: علام عطف وجاءكم النذير؟
قلت: على معنى: أو لم نعمركم، لأن لفظه لفظ استخبار. ومعناه معنى إخبار، كأنه قيل: قد عمرناكم وجاءكم النذير.
كالتعليل، لأنه إذا علم ما في الصدور وهو أخفى ما يكون، فقد علم كل غيب في العالم وذات الصدور: مضمراتها، وهي تأنيث ذو في نحو قول أبى بكر رضى الله عنه: ذو بطن خارجة جارية «١» وقوله:
لتغنى عنّى ذا إنائك أجمعا «٢»
المعنى ما في بطنها من الحبل، وما في إنائك من الشراب، لأن الحبل والشراب يصحبان البطن والإناء. ألا ترى إلى قولهم: معها حبل، وكذلك المضمرات تصحب الصدور وهي معها.
(١) . أخرجه في الموطأ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة «أن أبا بكر كان نحلنى جداد عشرين وسقا- الحديث» وفيه «إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ قال: ذو بطن بنت خارجة أراها جارية، فولدت جارية» وقد تقدم طرف منه في الاسراء (٢) . وناولته من رسل كوماء جلدة … وأغضبت عنه الطرف حتى تضلعا إذا قال قدنى قلت بالله حلفة … لتغنى عنى ذا إنائك أجمعا لحريث بن عتاب الطائي. والرسل- بالكسر-: اللبن القليل. والكوماء: السمينة. والجلدة: الصلبة. والاغضاء الغض والإغماض. والتضلع: امتلاء البطن حتى يرتفع الجنبان والضلوع. وغض طرفه عن الضيف كى لا يستحى إذا قال الضيف: قدنى، أى حسبي من الشرب قلت: بالله. وروى: قال بالله، فكأنه عبر عن نفسه بطريق الغيبة. ويروى: إذا قلت قدنى قال، على أن الشاعر الضيف وليس بذاك. وحلفة: نصب بمعنى القسم قبله، أى: أحلف بالله حلفة، ولتغنى: جواب القسم وفتح آخره لاتصاله تقديرا بنون التوكيد الخفيفة، أى: لتمنعنى عنى. وروى ثعلب لتغنن بنون التوكيد الثقيلة، أى: لتبعدن عنى، وكان حقه على اللغة المشهورة لتغنين، لكن حذفت ياؤه بعد الكسرة على لغة فزارة. وروى لتغنى بكسر اللام للتعليل، أى: اشرب لتغنى عنى صاحب إنائك وهو اللبن، وأضافه للاناء لأنه فيه، وأضاف الإناء لضمير الضيف لأنه في يده، وتبرأ من نسبته إلى نفسه دلالة على الكرم، وأجمع: توكيد للبن، أى لا ترد إلى ما في الإناء، بل أشربه كله.