وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالدَّيْلَمَيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ:
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَنِ النَّاسُ؟ قَالَ: أَهْلُ فَارِسَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: فَآواكُمْ قَالَ: إِلَى الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِ أَبَا سُفْيَانَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ وَاكْتُمُوا، فَكَتَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ إِنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، سَأَلُوهُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ مَا هَذَا الْأَمْرُ؟ فَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ فَنَزَلَتْ. قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَلِمْتُ أَنِّي خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَأَخْرَجَ سُنَيْدٌ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ بِأَطْوَلَ مِنْهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا لُبَابَةَ إِلَى قُرَيْظَةَ وَكَانَ حَلِيفًا لَهُمْ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ فَنَزَلَتْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ وَنَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي فِي بَرَاءَةٌ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ «١» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَا تَخُونُوا اللَّهَ قَالَ:
بِتَرْكِ فَرَائِضِهِ وَالرَّسُولَ بِتَرْكِ سُنَنِهِ، وَارْتِكَابِ مَعْصِيَتِهِ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ يَقُولُ: لَا تُنْقِصُوهَا، وَالْأَمَانَةُ: الْأَعْمَالُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْعِبَادَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِهَا قَتْلَ عُثْمَانَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشيخ عن يزيد بن حَبِيبٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُوَ الْإِخْلَالُ «٢» بِالسِّلَاحِ في المغازي، ولعل مراده أن هذا يَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشيخ عن ابن مسعود قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى فِتْنَةٍ. لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
فَمَنِ اسْتَعَاذَ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ.
وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنِ ابن زيد في الآية قال: فتنة الأخبار اختبرهم، وقرأ: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً «٣» .
[[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٩]]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)
جَعَلَ سُبْحَانَهُ التَّقْوَى شَرْطًا فِي الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ، مَعَ سَبْقِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ لَا يَتَّقُونَ، جَرْيًا عَلَى مَا يُخَاطِبُ بِهِ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَالتَّقْوَى: اتِّقَاءُ مُخَالَفَةِ أَوَامِرِهِ وَالْوُقُوعِ فِي مَنَاهِيهِ. والفرقان: ما يفرق به
(١) . التوبة: ١٠٢. [.....](٢) . قال في لسان العرب: أخلّ بالشيء: غاب عنه وتركه.(٣) . الأنبياء: ٣٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute