وقال قوم: النَّقْصُ من الأَطْرَاف: موتُ العلماءِ، ثم خاطب سبحانه نبيّه صلى الله عليه وسلّم متوعّدا ١٨ ألهؤلاء/ الكَفَرَةِ بقوله: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ ... الآية، والنَّفْحَةُ: الخَطْرَةُ والمَسَّةُ، والمعنى: ولئن مَسَّتْهُمْ صَدْمَةَ عذابٍ لَيَنْدَمُنَّ، ولَيُقِرُّنَّ بظلمهم، وباقي الآية بَيِّنٌ.
وقال الثعلبي: نَفْحَةٌ، أي: طَرَفٌ قاله ابن عباسٌ «١» ، انتهى.
وقوله سبحانه: لِيَوْمِ الْقِيامَةِ قال أبو حيان «٢» : اللام للظرفية بمعنى «في» انتهى.
قال القرطبي «٣» في «تذكرته» : قال العلماء: إذا انقضى الحسابُ كان بعدَه وَزْنُ الأَعمالِ لأَنَّ الوَزْنَ للجزاءِ، فينبغي أَنْ يكونَ بعد المُحَاسبَةِ، واخْتُلِفَ في الميزانِ والحَوْضِ: أَيُّهُمَا قَبْلَ الآخرِ، قال أبو الحسن القابسيُّ: والصحيحُ أَنَّ الحوضَ قبل الميزانِ، وذهب صاحِبُ «القوت» وغيره إلى: أنّ حوض النبي صلى الله عليه وسلّم إنما هو بَعْدَ الصِّرَاط.
قال القرطبي «٤» : والصحيح: «أنّ للنبي صلى الله عليه وسلّم حَوْضَيْنِ، وكلاهما يُسَمَّى كَوْثَراً، وأَنَّ الحَوْضَ الذي يذاد عنه مَنْ بَدَّلَ وغَيَّرَ، يكونُ في المَوْقِفِ قبل الصراط، وكذا حِيَاضُ الأنبياءِ- عليهم الصلاة والسلام- تكونُ في الموقف على ما وَرَدَ في ذلك من الأخبار»«٥» انتهى.
والفُرْقَانُ الذي أُوتي موسى وهارونُ قيل: التوراةُ، وهي الضِّيَاءُ والذّكر.
(١) ينظر: «البحر المحيط» (٦/ ٢٩٤) . (٢) في هذه اللام أوجه: - أحدها: قال الزمخشري مثلها في قولك: جئت لخمس خلون من الشهر، ومنه قول النابغة: [الطويل] توهّمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع والثاني: أنّها بمعنى في وإليه ذهب ابن قتيبة وابن مالك وهو رأي الكوفيين ومنه عندهم لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [الأعراف: ١٨٧] ، ولقول مسكين الدارمي: [الطويل] أولئك قومي قد مضوا لسبيلهم ... كما مضى من قبل عاد وتبّع وكقول الآخر: [الطويل] وكلّ أب وابن وإن عمرا معا ... مقيمين مفقود لوقت وفاقد والثالث: أنّها على بابها من التعليل ولكن على حذف مضاف أي لحساب يوم القيامة. ينظر: «الدر المصون» (٥/ ٨٩- ٩٠) وينظر: «الكشاف» (٢/ ٥٧٤) ، و «البحر» (٦/ ٣١٦) . (٣) ينظر: «التذكرة» (٢/ ٤١٧) . (٤) ينظر: القرطبي (١/ ٤٠٦- ٤٠٧) . (٥) أخرجه مسلم (٤/ ١٧٩٩) كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلّم حديث (٣٧/ ٢٣٠١) ، وأحمد (٥/ ٢٨٠) .