وقال غيرُ أبي عُبيد (١) في تأويل هذا الحديثِ نحوَ قولِ أبي عبيد وزاد، قال:"الجَدُّ" في هذا الموضع الحظُّ. على ما قدَّمنا ذكْرَه. قال: ومعنى هذا الحديث: لا ينفعُ ذا الحظِّ منك الحظُّ، وإنما ينفعُه العملُ بطاعَتِك. قال: وهو مأخوذٌ من قولِ العرب: لِفُلانٍ جَدٌّ في هذا الأمر، أي: حَظٌّ. واستشهَد بقولِ امرئ القيس (٢):
ألا يا لَهْفَ نَفْسي (٣) إثرَ قَوْمٍ ... همُ كانوا الشِّفاءَ فلمْ يُصَابوا
وَقَاهُم جَدُّهم ببَني أبِيهِم ... وبالأشقَينَ ما كانَ العِقابُ
أراد: وقاهُم حظُّهم.
وقال الأخطلُ (٤):
أعطاكم اللهُ جَدًّا تُنْصَرونَ به ... لا جَدَّ إلا صغيرٌ بعدُ محتقرُ
(١) ينظر: الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري ١/ ١٩، والمصنِّف إنما ينقل عنه. (٢) ديوانه، ص ١٣٨. (٣) في ديوان امرئ القيس "هند"، كما في الأصمعيّات، ص ١٣١، وفي أشعار الشعراء الستة الجاهليين للأعلم الشنتمري، ص ٤ و ٢٠، وشرح المعلّقات السبع للزّوزني. ووقع في بعض المصادر مثل رواية المصنف، مثل الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ١١٧، والزاهر في معاني كلمات الناس لابن الأنباري ١/ ١٩. ويعني بقوله: "ببني أبيهم" بني كنانة حيث حاربهم يحسبهم بني أسد، ثم كفِّ عنهم حين تبيَّن خطأه، وأسد وكنانة أخوان، هما ابنا خزيمة. (٤) ديوانه، ص ١٧١، وصدره فيه بلفظ: أعطاهم الله جدًّا يُنصرون به وهو كذلك في منتهى الطلب من أشعار العرب لمحمد بن المبارك البغدادي، ص ٢٦٣، ورواية المصنّف وقع مثلها في الزاهر في معاني كلمات الناس لابن الأنباري ١/ ١٩ حيث ينقل منه المصنِّف.