الْحَالُ عَلَيْهِ فِي نِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ بِرَخِيمِ الصَّوْتِ وَلَيِّنِهِ، مِثْلَ كَلَامِ الْمُومِسَاتِ، فَنَهَاهُنَّ عَنْ ذلك، وقال الشاعر:
يتكلم لو تستطيع كلامه ... لانت له أروى الهضاب الصخر
وَقَالَ آخَرُ:
لَوْ أَنَّهَا عَرَضَتْ لِأَشْمَطَ رَاهِبٍ ... عَبَدَ الإله ضرورة المتعبد
لَرَنَا لِرُؤْيَتِهَا وَحُسْنِ حَدِيثِهَا ... ولحالها رُشْدًا وَإِنْ لَمْ يَرْشُدِ
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَيَطْمَعَ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَنَصْبِ الْعَيْنِ، جَوَابًا لِلنَّهْيِ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ هُرْمُزَ: بِالْجَزْمِ، فَكُسِرَتِ الْعَيْنُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، نُهِينَ عَنِ الْخُضُوعِ بِالْقَوْلِ، وَنُهِيَ مَرِيضُ الْقَلْبِ عَنِ الطَّمَعِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَخْضَعْ فَلَا تَطْمَعْ. وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ أَبْلَغُ، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْخُضُوعَ بِسَبَبِ الطَّمَعِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: قَرَأَ الْأَعْرَجُ وَعِيسَى: فَيَطْمِعَ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ. وَنَقَلَهَا ابْنُ خالويه عن أبي السماء، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ، وَذَكَرَ أَنَّ الْأَعْرَجَ، وَهُوَ ابْنُ هُرْمُزَ، قَرَأَ: فَيُطْمِعَ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتَحَ الْعَيْنَ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ فَيَطْمَعُ هُوَ، أَيِ الخضوع بالقول والذي مَفْعُولٌ، أَوِ الَّذِي فَاعِلٌ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ فَيَطْمَعُ نَفْسُهُ. وَالْمَرَضُ، قَالَ قَتَادَةُ: النِّفَاقُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْفِسْقُ وَالْغَزَلُ. وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً: وَالْمُحَرَّمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تُنْكِرُهُ الشَّرِيعَةُ وَلَا الْعُقُولُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَرْأَةُ تَنْدُبُ إِذَا خَالَطَتِ الْأَجَانِبَ، عَلَيْهَا بِالْمُصَاهَرَةِ إِلَى الْغِلْظَةِ فِي الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الصَّوْتِ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِخَفْضِ الْكَلَامِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَعْرُوفًا صَحِيحًا، بِلَا هَجَرٍ وَلَا تَمْرِيضٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عَنِيفًا وَقِيلَ: خَشِنًا حَسَنًا وَقِيلَ: مَعْرُوفًا، أَيْ قَوْلًا أُذِنَ لَكُمْ فِيهِ وَقِيلَ: ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَقِرْنَ، بِكَسْرِ الْقَافِ، مِنْ وَقَرَ يَقِرُ إِذَا سَكَنَ وَأَصْلُهُ، أَوْقِرْنَ، مِثْلُ عِدْنَ مِنْ وَعَدَ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَتْحِ الْهَمْدَانِيُّ، فِي كِتَابِ التِّبْيَانِ، وَجْهًا آخَرَ قَالَ: قَارَّ يَقَارُّ، إِذَا اجْتَمَعَ، وَمِنْهُ الْقَارَّةُ لِاجْتِمَاعِهَا. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عُضَلَ وَالدِّيشِ: اجْتَمِعُوا فَكُونُوا قَارَّةً؟
فَالْمَعْنَى: اجْمَعْنَ أَنْفُسَكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ. وَقَرْنَ: أَمْرٌ مِنْ قَارَ، كَمَا تَقُولُ: خِفْنَ مِنْ خَافَ أَوْ مِنَ الْقَرَارِ، تَقُولُ: قَرَرْتُ بالمكان، وأصله: وأقررت، حُذِفَتِ الرَّاءُ الثَّانِيَةُ تَخْفِيفًا، كَمَا حَذَفُوا لَامَ ظَلِلْتُ، ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْقَافِ فَذَهَبَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: أُبْدِلَتِ الرَّاءُ وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْقَافِ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ لسكوتها وَسُكُونِ الرَّاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute