بِشَيْءٍ أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ أَشْيَاءَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي تَجْرِي مَجْرَى الْأَسْمَاءِ وَأَنَّ الْوَجْهَ فِيهَا الرَّفْعُ. ثُمَّ قَالَ: وَذَلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ خَيْرٌ مِنْهُ أَبَوْهُ، وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَوَاءٌ عَلَيْهِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَبٌ لَهُ صَاحِبُهُ، وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسْبِكَ مِنْ رَجُلٍ، وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَيُّمَا رَجُلٍ هُوَ انْتَهَى. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرْفَعَ بِهِ الظَّاهِرُ فَقَدْ أَجَازُوا فِي مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَبِي عَشَرَةٍ أَبُوهُ ارْتِفَاعُ أَبُوهُ بِأَبِي عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى وَالِدِ عَشَرَةٍ.
إِنَّا أَعْتَدْنا أَيْ أَعْدَدْنَا وَيَسَّرْنَا وَالنُّزُلُ مَوْضِعُ النُّزُولِ وَالنُّزُلُ أَيْضًا مَا يُقَدَّمُ لِلضَّيْفِ وَيُهَيَّأُ لَهُ وَلِلْقَادِمِ مِنَ الطَّعَامِ، وَالنُّزُلُ هُنَا يَحْتَمِلُ التَّفْسِيرَيْنِ وَكَوْنُهُ مَوْضِعَ النُّزُولِ قَالَهُ الزَّجَّاجُ هنا، وما هيىء مِنَ الطَّعَامِ لِلنَّزِيلِ قَوْلُ الْقُتَبِيِّ. وَقِيلَ: جَمْعُ نَازِلٍ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ نَحْوُ شَارِفٍ وَشَرَفٍ، فَإِنْ كَانَ مَا تُقَدِّمُ لِلضَّيْفِ وَلِلْقَادِمِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «١» . وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَأَبُو عَمْرٍو بِخِلَافٍ عَنْهُ نُزُلًا بِسُكُونِ الزَّايِ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً.
أَيْ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْكَافِرِينَ هَلْ نُخْبِرُكُمُ الْآيَةَ فَإِذَا طَلَبُوا ذَلِكَ فَقُلْ لَهُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَالْأَخْسَرُونَ أَعْمَالًا
عَنْ عَلِيٍّ هُمُ الرُّهْبَانُ كَقَوْلِهِ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ «٢» .
وَعَنْ مُجَاهِدٍ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ. وَقِيلَ: هُمُ الصَّابِئُونَ.
وَسَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ عَلِيًّا عَنْهُمْ فَقَالَ: مِنْهُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ.
وَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عَلَى التَّمْثِيلِ عَلَى الْحَصْرِ إِذِ الْأَخْسَرُونَ أَعْمَالًا هُمْ كُلُّ مَنْ دَانَ بِدِينٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، أَوْ رَاءَى بِعَمَلِهِ، أَوْ أقام على بدعة تؤول بِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَالْأَخْسَرُ مَنْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ فَأَدَّى تَعَبُهُ بِهِ إِلَى النَّارِ. وَانْتَصَبَ أَعْمالًا عَلَى التَّمْيِيزِ وَجُمِعَ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ فِي الضَّلَالِ مُخْتَلِفَةٌ وَلَيْسُوا مُشْتَرِكِينَ في عمل واحد والَّذِينَ يَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُمُ الَّذِينَ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الذَّمِّ وَخَبَرُهُ عَلَى الْوَصْفِ أَوِ الْبَدَلِ ضَلَّ سَعْيُهُمْ أَيْ هَلَكَ وَبَطَلَ وذهب ويَحْسَبُونَ
(١) سورة آل عمران: ٣/ ٢١ وغيرها.(٢) سورة الغاشية: ٨٨/ ٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute