فإن احتج الحنفي بأن قوله تعالى:{وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} ١ وقوله تعالى: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ٢ رفع بقوله صلي الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث٣" وبأن قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ٤} رفع عمومه بقوله صلي الله عليه وسلم: "أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال٥" وبأن قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} ٦ رفع بقوله صلي الله عليه وسلم: "الثيب بثيب جلد مائة ورجم والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام٧".
أجاب الشافعي رحمه الله عن الأول بأن الوصية للوارث نسخ بقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} ٨ وعن الثاني بأن تحريم الميتة والدم رفع عمومه بتحليل السمك والجراد والكبد والطحال من الله لا من رسوله صلي الله عليه وسلم لأنه قال: " أحلت لنا" ولم يقل أحلت لكم وفي هذا الجواب نظر وعن الثالث بأن امساكهن في البيوت نسخ بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ} ٩.
ثم النسخ يقع على الأمر والنهي قيل وعلى الأخبار التي بمعناهما.
وقيل: على الأخبار مطلقا وقيل: على ما يقبل منهما الاستثناء١٠.
١ البقرة ٢٤٠. ٢ البقرة ١٨٠. ٣ سنن ابن ماجة ٩٠٥. وينظر: الإعتبار ٢٦. ٤ المائدة ٣. ٥ سنن ابن ماجة ١٠٧٢، الجامع الصغير ١/١٣ مع خلاف في الرواية. ٦ النساء ١٥. ٧ صحيح مسلم ١٣١٦ - ١٣١٧، سنن ابن ماجة ٨٥٢. وبنظر: أحكام القرآن ٣٥٨، ١٣٢٦. ٨ النساء ١١. ٩ النور ٢. ١٠ ينظر: ابن سلامة ٨- ٩، البرهان ٢/٣٣، الإتقان ٣/٦١.