لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: ١٠٢) وقد بين الله تعالى لنا أوصاف جبريل الذي نزل بالقرآن من عنده وتدل على عظم القرآن وعنايته تعالى فإنه لا يرسل من كان عظيما إلا بالأمور العظيمة.
[٢- أول ما نزل من القرآن]
أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالى:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)(العلق: ١- ٥) . ثم فتر الوحي مدة، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة المدثر، وهي قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)(المدثر: ١-٥) . ففي ((الصحيحين)) : صحيح البخاري ومسلم (١) . عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت: حتى جاءه الحق ٌّ، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال اقرأ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ (يعني لست أعرف القراءة) فذكر الحديث، وفيه ثم قال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق (١)) إلى قوله: (عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)) (العلق: ١- ٥) . وفيهما (٢) عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي:(بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء....)
فذكر الحديث، وفيه، فأنزل الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) إلى (وَالرُّجْزَ فَاهْجُر (٥)(المدثر: ١-٥) .
وثمت آيات يقال فيها: أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين، فتكون أولية مقيدة مثل: حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين)) (٣) . إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله:
(١) أخرجه البخاري، كتاب ب دء الوحي، باب ١: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، أصول في التفسير، حديث رقم ٣؛ ومسلم كتاب الإيمان باب ٧٣: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤٠٣ {٢٥٢} ١٦٠. (٢) أخرجه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب ١: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤؛ ومسلم كتاب الإيمان باب ٧٣: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤٠٦ {٢٥٥} ١٦١. (٣) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب ٣ قوله: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) حديث رقم٤٩٢٤؛ ومسلم كتاب الإيمان باب ٧٣: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤٠٩ {٢٥٧} ١٦١