الرابع: فاعل (أفْعِلْ) في التعجب، عند وجود ما يدل عليه كقوله تعالى:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}(١) التقدير - والله أعلم - وأبصر بهم، فحذف (بهم) من الثاني؛ لدلالة الأول عليه. فـ (أسمع) فعل ماض جاء على صيغة الأمر. (بهم) الباء: حرف جر زائد إعرابًا مؤكد معنى (هم) فاعل مبني على السكون، وهو مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها حركة البناء الأصلي في محل رفع فاعل.
وقول المصنف - رحمه الله -: (ويمتنع في غيرهن) أي: لأن الفاعل عمدة، وكالجزء من الكلمة، وهذا فيه نظر، فإن هناك مواضع أخرى حُذِفَ فيها الفاعل (٢) ، منها: أن يكون الفاعل واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، وفعله مؤكد بالنون نحو: هل تقومُنَّ بواجبكم، وهل تقومِنَّ بواجبكِ، فإن الفاعل محذوف، وهو الواو والياء، وقد مضى توضيحه في موضعه.
هذا الحكم الخامس من أحكام الفاعل وهو أن الأصل في الفاعل أن يقع بعد عامله. والأصل في المفعول أن يأتي بعدهما، نحو: حَرَّمَ الإسلام الغشَّ.
وقد يتأخر الفاعل عن المفعول وهو نوعان:
١- تأخر جائز، وهو ما خلا من موجب التقديم أو التأخير، نحو: أخذ عاصمٌ جائزة، فتقول: أخذ جائزةً عاصمٌ. قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) } (٥) فـ (آل) مفعول به مقدم، وهو مضاف و (فرعون) مضاف إليه، و (النذر) فاعل (جاء) مؤخر، ومنه قول الشاعر:
(١) سورة مريم، آية: ٣٨. (٢) انظر: حاشية الصبان (٢/٤٤) . (٣) سورة القمر، آية: ٤١. (٤) سورة البقرة، آية: ١٢٤. (٥) سورة القمر، آية: ٤١.