قال أبو أمامة: مر ابن العاص على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسبل إزاره، مسبل جمته: فقال: نعم الفتى ابن العاص. لو شمر عن مئزره وقصر من لمته. فقال: فحلق رأسه أو قصر، ورفع إزاره إلى الركبة.
وقال عبد الله: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتى هذا، فقال:«يا عبد الله، ألم أخبر أنك تكلفت قيام الليل وصيام النهار؟ » قلت: إنى لأفعل، فقال:«إن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فالحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله» قلت: يا رسول الله، إنى أجد قوة، وإنى أحب أن تزيدنى. قال:«سبعة أيام». فجعلت أستزيده ويزيدنى، يومين يومين، حتى بلغ النصف. فقال:«إن أخى داود، كان أعبد البشر، وإنه كان يقوم نصف الليل، ويصوم نصف الدهر، إن لأهلك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا». قال: وكان عبد الله بعدما كبر وأدركه السن، يقول: لئن كنت قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحب إلىّ من أهلى ومالى.
وقال عبد الله: جمعت القرآن، فقرأت به ليلة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اقرأه فى شهر» قلت: يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى، قال:«اقرأه فى عشرين». قلت يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال:«اقرأه فى عشر». قلت: يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال:«اقرأ فى سبع ليال». قلت: يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى، فأبى (١).
وقال عبد الله: رأيت فيما يرى النائم، كأن فى إحدى أصابعى سمنا، وفى الأخرى عسلا، فأنا ألعقهما، فلما أصبحت، ذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال:«تقرأ الكتابين، التوراة والفرقان»(٢) فكان يقرأهما.
(١) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (٦٤٦٢) من طريق: حدثنا عبد الله، حدثنى أبى، ثنا يحيى، عن ابن جريج، عن ابن أبى مليكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جمعت القرآن فقرأت به فى كل ليلة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنى أخشى أن يطول عليك زمان أن تمل، أقرأه فى كل شهر». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال: «اقرأه فى كل عشرين». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال: «اقرأه فى عشر». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى قال: «اقرأه فى كل سبع». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى فأبى. وأخرجه ابن ماجة فى سننه برقم (١٣٨٥)، والنسائى فى الكبرى برقم (٧٩٩٤). (٢) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (٧٠٠٩).