كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول

الفصل العاشر: في ست مسائل تتعلق بمباحث الدين - ٤- العاصي لا يخلد في النار وأمره إلى الله - ج: 3 - ص: 1030

قَائِلِهَا لِجَمِيعِهَا وَاسْتِكْمَالِهِ إِيَّاهَا كَمَا قَدَّمْنَا بَسْطَهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَئِنْ جَازَ لِجَاهِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ, إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَ أَنَّ قَائِلَهَا يَسْتَوْجِبُ الْجَنَّةَ وَيُعَاذُ مِنَ النَّارِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَدَّعِيَ جَاهِلٌ مُعَانِدٌ أَيْضًا أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ فَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ" ١ كَاحْتِجَاجِ الْمُرْجِئَةِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" وَيَقُولُ مُعَانِدٌ آخَرُ جَاهِلٌ: إِنَّ الْإِيمَانَ بِكَمَالِهِ الْمَشْيُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى تُغَبَّرَ قَدَمَا الْمَاشِي, وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" ٢ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يجتمع غبار فب سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي مَنْخَرَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ" ٣.

وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخَرُ أَنَّ الْإِيمَانَ كُلَّهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بكل عضوا مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ" ٤, وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخَرُ أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى, وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى" ٥, وَيَدَّعِي جَاهِلٌ آخَرُ أَنَّ جَمِيعَ

---

١ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥١"، وابن حبان "٧/ ٦٧ -إحسان". وأبو داود "ح٢٥٤١" في الجهاد باب من سأل الله تعالى الشهادة. والترمذي "ح/ ١٦٥٧" في فضائل الجهاد، باب ما جاء فيمن يكلم في سبيل الله. والنسائي "٦/ ٢٥-٢٦" في الجهاد، باب ثواب من قاتل في سبيل الله. قال الترمذي: حديث صحيح وصححه الحاكم من حديث معاذ رضي الله عنه.
وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥١" والبخاري "٢/ ٣٩٠" في الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، وفي الجهاد، باب من اغبرت قدماه في سبيل الله.
٣ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥١"، وأحمد "٢/ ٢٥٦ و٣٤٢ و٤٤١" والترمذي "٤/ ١٧١/ ح١٦٣٣" في فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الغبار في سبيل الله، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي "٦/ ١٢" في الجهاد، باب فضل من عمل في سبيل الله على قدمه. وابن ماجه "٢/ ٩٢٧/ ح٢٧٧٤" فيه، باب الخروج في النفير، وابن حبان في صحيحه "٥/ ١٠٣ -إحسان".
٤ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥١-٣٥٢" والبخاري "١١/ ٥٩٩" في كفارات الأيمان, باب قول الله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة} ومسلم "٢/ ١١٤٧/ ح١٥٠٩" في العتق، باب فضل العتق.
٥ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥٢" وأحمد "٢/ ٥٠٥" والترمذي "٤/ ١٧١/ ح١٦٣٣" في فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الغبار في سبيل الله. والنسائي "٦/ ١٢" في الجهاد، باب فضل من عمل في سبيل الله على قدمه. والحاكم في المستدرك "٤/ ٢٦٠" وصححه.