وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} وأجمع المسلمون على أن الرد إلى الله سبحانه هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه هو الرد إليه في حضوره وحياته، وإلى سنته في غيبته وبعد مماته. والقياس ليس بهذا ولا هذا، ولا يقال الرد إلى القياس هو من الرد إلى الله ورسوله؛ لدلالة كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام كما تقدم تقريره؛ لأن الله سبحانه إنما ردنا إلى كتابه وسنة رسوله، ولم يردنا إلى قياس عقولنا وآرائنا فقط، بل قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، وقال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} ولم يقل: بما رأيت أنت. وقال:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)}، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧)}، وقال تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيءٍ}، وقال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)}، وقال:{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} فلو كان القياس هدى لم ينحصر الهدى في الوحي. وقال:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُمْ} فنفى الإيمان حتى يوجد تحكيمه وحده، وهو تحكيمه في حال حياته وتحكيم سنته فقط بعد وفاته، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي لا تقولوا حتى يقول قال نفاة القياس: والإخبار عنه بأنه حرَّم ما سكت عنه، أو أوجبه قياسًا على ما تكلم بتحريمه أو إيجابه تقدُّمٌ بين يديه. فإنه إذا قال: حرمت عليكم الربا في البر، فقلنا: ونحن